الشيخ: يتميز، نقول للغاصب: خلِّص البر من الشعير، قال: يا جماعة هذا يتعبني ويكلفني، أبغي أبقى يومين أو ثلاثة وأنا أخلصها له، نقول: وليكن؛ لأن عين المال المغصوب الآن موجودة فيجب ردها إلى صاحبها، فإذا قال: هذا إضرار بي؟ فالجواب سهل، ماذا نقول؟ أنت الذي جنيت على نفسك، لماذا تغصب أولًا؟ ولماذا تخلطه ثانيًا؟ و «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ»(١)، إذن يلزمه التخليص ولو غرم أضعافه.
لو قال الغاصب: الآن أنا خلطت البر بالشعير، والبر الذي خلطته خمسة أصواع، أنا أعطيك أيها المالك عشرة أصواع، ما تقولون؟ هل يجبر المالك أو لا؟ يقولون: لا يجبر، بل يقال: خَلِّص البر، أعطيكم أكثر من مثله، نقول له خَلِّص البر.
هذا في الحقيقة من جهة قد نقول: إنه قول جيد؛ لأن في ذلك ردعًا للغاصبين، يردعهم إذا علموا أنهم سوف يضمن إلى هذا الحد لا يغصب، وإن نظرنا إلى أن فيه إضرارًا، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(٢)، قلنا: هنا يتوجه القول بأن المغصوب منه يجبر على قبول مثل بره الذي غُصِب، ويعد البر الآن كالتالف، وإذا أتلف شخص بُرًّا ضمنه بمثله، فالمسألة فيها تردد، وحينئذٍ ننظر -في مسألة القضاء والحكم بين الغاصب والمغصوب منه- ننظر إلى المصلحة، إذا رأى القاضي أن من المصلحة أن يُلزَم الغاصِبَ بتخليص مال المغصوب منه فليفعل، وإن رأى العكس فلا حرج؛ لأن المضارة في هذا واضحة.