للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لنفسه ولمن مثله، للضرورة.

(و) لا تصح إمامة (أمِّي) -نسبة إلى الأم، كأنه على الحالة التي ولدته أمه عليها، وقيل: إلى أمة العرب- وأصله لغة: من لا يكتب (١)، (وهو) عرفًا (من لا يحسن الفاتحة) أي لا يحفظها، (أو يدغم فيها حرفًا لا يدغم)، كإدغام هاء للَّه في راء ربّ، وهو الأرتّ (٢)، أو يبدّل منها (حرفًا) لا يُبدل وهو الألثغ (٣)، لحديث: "ليؤمكم أقرؤكم" (٤) رواه البخاري.

إلا ضاد "المغضوب"، وضاد "الضالين" بظاء، فلا يصير به أميًّا سواء علم الفرق بينهما لفظًا ومعنى أم لا، (أو يلحن فيها لحنًا يحيل المعنى) عجزًا عن إصلاحه، ككسر كاف "إياك" وضم تاء "أنعمت" وكسرها، لأنه عاجز عن فرض القراءة، فلا تصح إمامته (إلا بمثله)، فلا يصح اقتداء عاجز عن نصف الفاتحة الأول، بعاجز عن نصفها الأخير، ولا عكسه، ولا يصح اقتداء قادر على الأقوال الواجبة بعاجز عنها.

فإن تعمد غير الأميِّ إدغام ما لا يدغم، أو إبدال ما لا يبدل، أو اللحن المحيل للمعنى، أو قدر أمي على إصلاحه فتركه، أو زاد على فرض القراءة، وهو عاجز عن إصلاحه عمدًا، لم تصح صلاته، لأنه أخرجه بذلك عن كونه قرآنًا فهو كسائر الكلام.

وإن أحال المعنى في قراءة ما زاد على الفاتحة، سهوًا أو جهلًا صحت صلاته.

ومن اللحن المحيل للمعنى فتح همزة اهدنا، لأنه من أهدى الهدية، لا طلب الهداية.


(١) ينظر: "المفردات" (ص ٨٧) و"المطلع" (ص ١٠٠) و"التوفيق" (ص ٩٥).
(٢) الأرتّ: من يبدل الراء ياء. "معجم الوسيط" (١/ ٣٢٧).
(٣) الألثغ: الذي يبدل حرفًا بحرف لا يبدل به، كالعين بالزاي وعكسه، أو الجيم بالشين أو اللام أو نحوه، وقيل: من أبدل حرفًا بغيره، "الإنصاف" مع الشرح الكبير (٤/ ٤٠٠).
(٤) تقدم (ص ٣٠٥) أنه رواه أبو داود. وهو كذلك.