للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحديث الأسلع أيضا يرجح قول مَنْ يقول إلى المرفقين؛ لأنه ذكر: فيه "ضربة لوجهك وضربة لذراعيك ظاهرهما وباطنهما".

فلما وقع هذا الاختلاف باختلاف الروايات، وأخذت كل طائفة برواية، (نحتاج) (١) في ذلك إلى النظر ليُسْتَخرج من هذه الأقاويل قولٌ صحيح يوافق القياس والنظر، كما هو الأصل والقاعدة.

وفي ذلك قال أبو عمر: لما اختلفت الآثار في كيفية التيمم وتعارضت، كان الواجب في ذلك الرجوع إلى ظاهر الكتاب، وهو يدل على ضربتين، ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، قياسا على الوضوء، واتباعا لفعل ابن عمر - رضي الله عنه -.

وأشار إلى وجه النظر بقوله: فاعتبرنا ذلك، فوجدنا الوضوء .. إلى آخره.

تحريره: أن الوضوء يكون على الأعضاء الأربعة غسلا ومسحا، ثم إن الشارع جعل التيمم بدلا منه عند عدم الماء، وأسقط منه بعض الأعضاء، (الذي أمر به في الأصل، وهو) (٢) الرأس الرجلان، تيسيرا على عباده، ولئلا يتساوى البدل والمبدل منه، فيكون التيمم على بعض ما عليه الوضوء وهو الوجه واليدان، فيجب أن يكون البدل ها هنا مثل الأصل؛ لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل، فبطل حينئذ قول من قال: إن التيمم إلى الآباط والمناكب، وذلك لأنه لما بطل التيمم عن الرأس والرجلين، والحال أنهما مما يجب غسلهما ومسحهما، كان بطريق الأولى أن لا يجب التيمم على ما لا يُوضَّأ، وهو ما وراء المرفقين.

ثم بقي الكلام في الذراعين اللذين وقع فيهما الخلاف؛ هل يدخلان تحت التيمم أم لا؟ فرأينا الرأس والرجلين لا يقع عليهما التيمم، فكان ما سقط التيمم عن بعضه


(١) كذا في "الأصل، ك"، وهي غير منقوطة، كما يفعل كثيرًا ولعل الصواب: احتجنا .. ، وقد مر في كلام الطحاوي -المشروح- رجعنا، وهو يرجح ما استظهرنا.
(٢) كذا العبارة في "الأصل، ك"، بضمير المفرد المذكر، والمناسب: التي أمر بها ... وهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>