للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما ثبت أن بعض ما يغسل من اليدين في حال وجود الماء تيمم في حال عدمه؛ ثبت بذلك أن التيمم في اليدين إلى المرفقين، قياسا ونظرا على ما بَيَّنَّا من ذلك.

وهذا قول أبي حنيفة وفي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: ملخص هذا الكلام، أن حديث عمار لا يصلح حجة في كون التيمم إلى المرفقين أو الكوعين أو الكفين، كما ذهبت إلى كل واحد طائفة من أهل العلم، وذلك لاضطرابه كما قد رأيت، ولذلك قال الترمذي: وقد ضعف بعض أهل العلم حديث عمار - رضي الله عنه - في التيمم للوجه والكفين، لما رُوِي عنه حديثُ المناكب والآباط.

ولكنه يندفع به ما روي عنه في حديث عبيد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن عتبة ابن مسعود، عن عمار.

وفي حديث عبيد الله أيضا، عن ابن عباس، عن عمار، المذكورين في أول الباب، اللذين فيهما: "فمسحنا وجوهنا وأيدينا إلى المناكب".

وذلك لأنه قد روى عن النبي - عليه السلام - أنه أمر بالتيمم للوجه والكفين، فلا يجوز ذلك إلَّا بعد أن ثبت انتساخ حكم الأول، كما قد ذكرنا، أو ثبت بعد ذلك أحد القولين الآخَرين -بفتح الخاء- وهما قول مَنْ يرى التيمم إلى الكفين، وقول مَنْ يراه إلى المرفقين، ولكن من غير ترجيح أحدهما على الآخر، فلا يتمُّ به الاستدلال أيضا لواحد من الفريقين.

فوجدنا حديث أبي الجُهَيْم بن الحارث بن الصمة الأنصاري يُرجّح قول مَنْ يقول التيمم إلى الكفين؛ لأنه ذكر في حديثه أنه - عليه السلام - مسح بوجهه وبيديه، ووجدنا حديث نافع عن ابن عباس - رضي الله عنهما - يُرجّحُ قول من يقول التيمم إلى المرفقين؟ لأنه ذكر في حديثه أنه تيمم لوجهه، ثم ضرب ضربة أخرى فتيمم لذراعيه، وقد ذكرهما الطحاوي في باب: قراءة الجنب والحائض. وتكلمنا فيهما بما فيه الكفاية هناك.

<<  <  ج: ص:  >  >>