للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وقد قال قوم في بنت وعَصَبَة: إن للابنة جميع المال، ولا شيء للعصبة، فكفى بهم جهلًا في تركهم قول كل الفقهاء إلى قول لم نعلم أن أحدًا قال به قبلهم من أصحاب رسول الله -عليه السلام- ولا مِن تابعيهم، مع أن ما ذهبوا إليه من ذلك يدفعه نص القرآن؛ لأن الله -عز وجل- قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (١). فبين الله -عز وجل- لنا بذلك كيف حكم الأولاد في المواريث إذا كانوا ذكورًا وإناثًا.

ثم قال -عز وجل-: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} (١) فبين لنا تبارك وتعاك حكم الأولاد إذا كانوا نساء.

ثم قال -عز وجل-: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} (١) فبين لنا ميراث الابنة الواحدة.

فلما بيَّن لنا مواريث الأولاد على هذه الجهات؛ علمنا بذلك أن حكم ميراث الواحدة لا يخرج عن هذه الجهات الثلاث، واستحال أن يسمي الله -عز وجل- للابنة النصف وللبنات الثلثين ولهن أكثر من ذلك إلا لمعنى آخر بينه في كتابه أو على لسان رسوله -عليه السلام-، كما أبان في مواريث ذوي الأرحام. ولو كانت الابنة ترث المال كله دون العصبة لما كان لذكر الله -عز وجل- النصف معنى، ولأهمل أمرها كما أهمل أمر الابن، فلما بيَّن لها ما ذكرنا كان توقيفًا منه -عز وجل- إيانا على أن ما سمى لها من ذلك هو سهمها كما كان ما سمى للأخوات من قبل الأم بقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (٢).

فكان ما بقي بعد ما سمى لهن للعَصَبَة وكذلك ما سمي للزوج والمرأة فما بقي


(١) سورة النساء، آية: [١١].
(٢) سورة النساء، آية: [١٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>