الثالث: أن إبل الصدقة يجوز لأبناء السبيل شرب لبنها؛ وذلك أن هذه اللقاح كانت من إبل الصدقة روي ذلك في حديث حماد، عن حميد وقتادة وثابت، عن أنس، فذكر القصة قال:"فبعثهم رسول الله -عليه السلام- في إبل الصدقة".
قوله:"فلما حل له" أي للنبي - صلى الله عليه وسلم - من سفك دمائهم، أي دماء العرنيين.
حاصله أنه -عليه السلام- لما أبيح له سفك دماء هؤلاء؛ مجازاة لما فعلوا, أبيح له أن يقتلهم كيف أحب، وإن كانت فيه مثلة؛ لأن المثلة حينئذٍ ما كانت حرامًا، ثم نسخت بعد ذلك، ونهى عنها -عليه السلام- فلم يجز بعد ذلك فعلها.
ثم إن فعله -عليه السلام- باليهودي المذكور في حديث أنس يحتمل أن يكون من هذا القبيل، ثم نسخ بنسخ المثلة، وذكر فيه أربع احتمالات:
الأول: هذا.
والثاني: يحتمل أن يكون ما وجب على اليهودي حقًّا لأولياء الجارية التي قتلها اليهودي، فقتله لأجلهم لا لله تعالى حقًّا له.
والثالث: يحتمل أن يكون فعل؛ به ما فعل، لكونه هو الواجب عليه.
والرابع: يحتمل أن يكون الواجب عليه سفك دمه بأي شيء اختاره الولي، فلما اختار أولياؤه الرضخ أمر بأن يرضخ به.
فإذا كان الحديث المذكور محتملًا هذه الاحتمالات، ولم يقم دليل قاطع أن النبي -عليه السلام- أراد بعضها دون بعض، لم يقم به الاستدل الذي تعيين وجه من الوجوه. والله أعلم.
ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- أنه قتل ذلك اليهودي بخلاف ما كان قتل به الجارية.
حدثنا إبراهيم بن أبي داود وأحمد بن داود، قالا: ثنا أبو يعلى محمَّد بن الصلت، قال: ثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان -قال ابن أبي داود: وكان ثقة ووفع به- عن ابن جريج، عن معمر، عن أيوب، عن