للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سائر من يتناوله الاسم غير مقصورة الحكم على المرتدين، وقد روى همام، عن قتادة، عن ابن سيرين قال: "كان أمر العرنيين قبل أن تنزل الحدود" فأخبر أنه كان قبل نزول الآية. ومما يدل على أن الآية لم تنزل في العرنيين وأنها نزلت بعدهم أن فيها ذكر القتل والصلب، وليس فيها ذكر سمل الأعين، ولا يجوز أن تكون الآية نزلت قبل إجراء الحكم عليهم، ولا أن يكونوا مرادين بها؛ لأنه لو كان كذلك لأجرى النبي -عليه السلام- حكمها عليهم، فلما لم يصلبهم النبي -عليه السلام- وسملهم؛ دل على أن حكم الآية لم يكن ثابتًا حينئذٍ، فثبت بذلك أن حكم الآية غير مقصور على المرتدين، وأنه عام في سائر المحاربين.

وقال أيضًا: لا خلاف بين السلف والخلف من فقهاء الأمصار أن هذا الحكم غير مقصور على أهل الردة، وأنه فيمن قطع الطريق وإن كان من أهل الملة.

وحكى عن بعض المتأخرين ممن لا يعتد به أن ذلك مخصوص بالمرتدين، وهو قول ساقط مرذول مخالف للآية وإجماع الخلف والسلف.

ويدل على أن المراد به قطاع الطريق من أهل الملة قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} (١) الآية.

الثاني: فيه حكم المحاربين، فإذا حارب الرجل الرجل فَقَتَل وأخذ المال، قطعت يده ورجله من خلاف، وقُتلَ وصلب، فإن قَتَلَ ولم يأخذ المال قُتل، وإن أخذ المال ولم يَقْتُل قُطِعت يده ورجله من خلاف، وإذا لم يَقْتُل ولم يأخذ المال نُفي.

وروي عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم "في الرجل يقطع الطريق ويأخذ المال ويقتل: فإن الإِمام فيه بالخيار إن شاء قطع يده ورجله من خلاف، وقتله وصلبه، وإن شاء صلبه ولم يقطع يده ولا رجله، وإن شاء قتله ولم يقطع يده ولا رجله ولم يصلبه. وإن أخذ مالًا ولم يقتل عُزر ونُفي من الأرض".


(١) سورة المائدة، آية: [٣٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>