ووصف بول الغلام بأنه كالماء، فإنه يتفرق في مواضع، ولأن الذكر يتحرك، فبالضرورة يتفرق ما يخرج منه، بخلاف الفرج.
ويؤيد هذا أيضًا ما رواه ابن ماجه (١): ثنا أحمد بن موسى بن معقل، نا أبو اليمان المصري، قال: سألت الشافعي، عن حديث النبي - عليه السلام -: "يرش من بول الغلام ويغسل من بول الجارية" والماءان جميعا واحد، قال: لأن بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم. ثم قال لي: فهمت؟ قلت: لا. قال: إن الله لما خلق آدم خلق حواء من ضلعه القصير، فصار بول الغلام من الماء والطين، وصار بول الجارية من اللحم والدم، قال: قال لي: فهمت؟ قلت: نعم. قال: نفعك الله به.
قلت: لا يضرنا ذلك؛ لأن النظر فيما نقله الطحاوي إلى مخرجي بولهما، ولا شك أن مخرج بول الغلام ضيق، فبالضرورة الذي يخرج منه ينزل في موضع واحد، وإن كان في نفسه مائعا كالماء، ومخرج بول الجارية واسع، فبالضرورة الذي يخرج منه يتفرق وينتشر وإن كان في نفسه ثخينا.
ص: وقد روي عن بعض المتقدمين ما يدل على ذلك؛ فمن ذلك ما حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب أنه قال:"الرش بالرش والصب بالصب من الأبوال كلها".
حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: نا حجاج، قال: نا حماد، عن حميد، عن الحسن أنه قال:"بول الجارية يغسل غسلا، وبول الغلام يتتبع بالماء".
أفلا ترى أن سعيدا قد سوى بين حكم الأبوال كلها من الصبيان وغيرهم، فجعل ما كان منه رشا يطهر بالرش، وما كان منه صبّا يطهر بالصب، ليس لأن بعضها عنده طاهر وبعضها غير طاهر، ولكنها كلها عنده نجسه، وفرق بين التطهير من نجاستها عنده بضيق مخرجها وسعته.
(١) "سنن ابن ماجه" (١/ ١٧٤ رقم ٥٢٥) وفيه: "قال أبو الحسن بن سلمة، حدثنا أحمد بن موسى بن معقل .. ".