للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي قد روي عن بعض المتقدمين من التابعين ما يدل على أن الأبوال كلها سواء في النجاسة، وأنه لا فرق بين بول الذكر والأنثى، فمن ذلك ما روي عن سعيد بن المسيب.

أخرجه بإسناد صحيح: عن محمد بن خزيمة، عن الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن قتادة عنه.

ومنه ما رُوي عن الحسن البصري، أخرجه أيضًا بإسناد صحيح: عن ابن خزيمة، عن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن حميد الطويل.

وذلك أن سعيد بن المسيب قد سوى بين حكم الأبوال كلها، سواء كانت من الصغار أو من الكبار، من الذكور والإناث؛ فَحَكَم بأن الذي يرش منه يطهر بالرش، والذي يصب منه يطهر بالصب، وهو معنى قوله: "الرش بالرش" أي الرش من البول يطهر بالرش من الماء، والصب منه يطهر بالصب من الماء، وقوله: "من الأبوال كلها" بيان لهذا.

ثم إنه لم يقل هكذا لكون بعض الأبوال عنده طاهرا وبعضها نجسا، بل الكل عنده نجسة، ولكن الفرق بين التطهير من نجاستها عنده لأجل ضيق مخرج الأبوال وسعته، فإن مخرج بول الصبي ضيق كما قلنا فيرش البول، ومخرج بول الجارية واسع فيصب البول صبّا، فيقابل الرش بالرش، والصب بالصب.

ومن ذلك قال الحسن البصري أيضًا: بول الجارية يغسل غسلا؛ لأنه ينصب فيحتاج إلى صب الماء عليه، وبول الغلام يتتبع بالماء؛ لأنه يرتش، ولا فرق عنده أيضًا في الأبوال، فقال أبو داود: قال هارون بن تميم الراسبي، عن الحسن قال: "الأبوال كلها سواء".

ص: ثم أردنا بعد ذلك أن ننظر في الآثار المأثورة عن رسول الله - عليه السلام -: هل فيها ما يدل على شيء مما ذكرنا؟ فنظرنا في ذلك، فإذا محمَّد بن عمرو بن يونس قد حدثنا قال: أنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان

<<  <  ج: ص:  >  >>