للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (١) من حديث المبارك بن فضالة عن الحسن بلفظ: "يصب عليه الماء صبّا ما لم يطعم، وبول الجارية يغسل غسلا طعمت أو لم تطعم".

قلت: وبهذا يُرَدُّ ما نقله القاضي عياض أيضًا من قوله: قال بعض علمائنا: ليس قوله في الحديث: "لم يأكل الطعام" لا علة للحكم، وإنما هو وصف حال وحكاية قصة، كما قال في الحديث: "صغير"، وفي الحديث الآخر: "رضيع"، واللبن طعام وحكمه حكمه في كل حال، فأي فرق بينه وبين الطعام؟ والنبي - عليه السلام - لم يعلل بهذا ولا أشار إليه فنكل الحكم فيه إليه.

ويقال: احتمل قوله: "لم يأكل الطعام" أي لم يرضع بعد، وأن المسلمين كانوا يوجهون أبناءهم للنبي - عليه السلام - ليدعو لهم ويتفل في أفواههم؛ ليكون أول ما يدخل في أفواههم ريق النبي - عليه السلام - فيكون قوله - عليه السلام -، على هذا: "أجلسه في حجره"، مجازا لوضعه فيه ويحتمل أن يكون الصبي بلغ حد الجلوس وأحضر ليدعو له النبي - عليه السلام - ولكنه بعد لم يفصل عن الرضاع، ولا أكل الطعام انتهى.

فإن قيل: قد قال الكرخي عكس ما نقل الطحاوي عنهم؛ من أن بول الغلام يكون في موضع واحد وبول الجارية متفرق، وهو أن بول الصبي يقع في مواضع وبول الجارية يقع في موضع واحد، فأمر بالرش في بول الصبي والغسل في بول الجارية.

قلت: الذي نقله الطحاوي أقرب إلى الحكمة؛ لأن فم الرحم منكوس، فيخرج منه بالبول متفرقا لسعة المحل، بخلاف إحليل الذكر، فإن مسلك البول فيه مستقيم، فإذا خرج يخرج مجتمعا.

فإن قيل: قول من قال: إن بول الغلام مثل الماء وبول الجارية ثخين، ويؤيد قول الكرخي؛ لأنه وصف بول الجارية بالثخانة، ولا يكون ذلك إلَّا في موضع واحد،


(١) "مسند أبي يعلى" (١٢/ ٣٥٥ رقم ٦٩٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>