للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على أن النضح والرش يذكران ويراد بهما الغسل: قوله - عليه السلام - في حديث أسماء - رضي الله عنها -: "تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه" معناه تغسله، هذا في رواية الشيخين (١)، وفي رواية الترمذي (٢): "حُتيَّه، ثم اقرصيه، ثم رشِّيه وصلي فيه" أراد اغسليه، قاله البغوي.

فلما ثبت أن النضح والرش يذكران ويراد بهما الغسل، وجب حمل ما جاء في هذا الباب من النضح والرش على الغسل، بمعنى إسالة الماء عليه من غير عرك؛ لأنه متى صب الماء عليه قليلا قليلا حتى تقاطر وسال، حصل الغسل؛ لأن الغسل هو الإساله، فافهم.

فإن قيل: قد صرح في رواية مسلم وغيره: "فأتبعه بوله، ولم يغسله"، فكيف تحمل النضح والرش على الغسل؟

قلت: معناه: ولم يغسله بالعرك كما يغسل سائر الثياب إذا أصابتها النجاسة، ونحن نقول به.

قوله: "قالوا: وإنما فرق بينهما .. الخ" أي قال أهل المقالة الأولى: إنما فرق في الحديث بين الصغير والصغيرة؛ "لأن بول الغلام ... إلى آخره"، إنما ذكر هذا تأكيدا لما قاله، إنما أراد بالنضح صب الماء عليه؛ لأنهم قالوا في هذه التفرقة: إن المراد بالنضح في بول الغلام صب الماء في موضع واحد، ومن الغسل في بول الجارية أن يتتبع بالماء لأنه يقع في مواضع متفرقة.

وهذا بعينه يؤيد ما ذكرنا من أن المراد بالنضح صب الماء، فلذلك قال: "وهذا محتمل لما ذكرنا"، أي هذا الذي ذكروه من الصب في بول الغلام، وتتابع الماء في بول الجارية مُحْتَمَلُ لما ذكرناه، وهو بفتح الميم، فافهم.


(١) "صحيح البخاري" (١/ ٩١ رقم ٢٢٥)، ومسلم (١/ ٢٤٠ رقم ٢٩١).
(٢) "جامع الترمذي" (١/ ٢٥٤ - ٢٥٥ رقم ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>