للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال بعض من ينصر قول أهل المقالة الثانية: إن النضح قد يذكر ويراد به الغسل، وكذلك الرش يذكر ويراد به الغسل.

أما الأول: فيدل عليه ما رواه أبو داود (١) وغيره: عن المقداد بن الأسود: "أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أمره أن يسأل رسول الله - عليه السلام - عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي، ماذا عليه؟ قال علي: فإن عندي ابنته وأنا استحي أن أسأله. قال المقداد: فسألت رسول - عليه السلام - عن ذلك فقال: إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة".

ثم الذي يدل على أنه أريد بالنضح ها هنا الغسل ما رواه مسلم (٢): وغيره عن علي - رضي الله عنه - قال: "كنت رجلًا مذاءا، فاستحييت أن أسأل رسول الله - عليه السلام - لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن أسود، فسأله، فقال: يغسل ذكره ويتوضأ".

والقضية واحدة، والراوي عن رسول الله - عليه السلام - واحد.

ومما يدل على أن النضح يذكر ويراد به الغسل: ما رواه الترمذي (٣): وغيره عن سهل بن حنيف قال: "كنت ألقى من المذي شدة، وكنت أكثر منه الاغتسال، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما يجزئك ذلك الوضوء.

قلت: يا رسول الله، فكيف بما يصيب ثوبي منه؟ فقال: يكفيك أن تأخذ كفّا من ماء فتنضح به من ثوبك حيث ترى أنه أصابه" وأراد بالنضح ها هنا الغسل، فافهم.

وأما الثاني: وهو أن الرش يذكر ويراد به الغسل فقد صح عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه لما حكى وضوء رسول الله - عليه السلام - أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، وأراد بالرش ها هنا: صب الماء قليلا قليلا، وهو الغسل بعينه.


(١) "سنن أبو داود" (١/ ٥٣ رقم ٢٠٧).
(٢) "صحيح مسلم" (١/ ٢٤٧ رقم ٣٠٣).
(٣) "جامع الترمذي" (١/ ١٩٧ رقم ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>