للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي قال هؤلاء الآخرون: وأشار به إلى الجواب عن ما قاله أهل المقالة الأولى من تعين النضح لبول الغلام؛ محتجين بحديث علي - رضي الله عنه - وغيره.

تحريره: أن يقال: يحتمل أن يراد من النضح صب الماء عليه؛ لأن العرب تُسمي ذلك نضحا، كما في قوله - عليه السلام - "إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها" فإنه - عليه السلام - لم يرد بذلك النضح الرش، ولكنه أراد أنه يلزق بجانبها ويضربه.

وهذا الحديث أخرجه أحمد في "مسنده" (١): نا يزيد، أنا جرير، أنا الزبير بن خرِّيت، عن أبي لبيد قال: "خرج رجل من ضاحية مهاجرا -يقال له: بَيْرَح بن أسد- فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأيام، فرآه عمر - رضي الله عنه - فعلم أنه غريب، فقال له: ممن أنت؟ فقال: من أهل عمان. قال: من أهل عمان؟ قال: نعم. قال: فأخذ بيده فأدخله على أبي بكر - رضي الله عنه - فقال: هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله - عليه السلام - يقول: إني لأعلم أرضا يقال لها: عمان، ينضح بناحيتها البحر، لو أتاهم رسول (٢) ما رموه بسهم ولا حجر".

قلت: رجاله رجال الصحيح.

وأخرجه أبو يعلى أيضًا في "مسنده" (٣): وفيه لمازة بن زبار وهو ثقة.

ومن الدليل على أن النضح هو صب الماء والغسل من غير عرك: قول العرب: [غسلتني] (٤) السماء، وإنما يقولون ذلك عند إنصباب المطر عليهم.

وكذلك يقال: غسلني التراب إذا انصب عليه.

وقال أبو عمر: الظاهر من معنى النضح صب الماء دون الرش؛ لأن الرش لا يزيد النجاسة إلَّا نثرا.


(١) "مسند أحمد" (١/ ٤٤ رقم ٣٥٨).
(٢) كذا في "الأصل، ك"، وفي "مسند أحمد": "بها حيّ من العرب، لو أتاهم رسولي .. ".
(٣) "مسند أبي يعلى" (١/ ١٠١ رقم ١٠٦).
(٤) في "الأصل، ك" غسلني.

<<  <  ج: ص:  >  >>