للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره: الرخصة أن الرجل إذا عرَى الرجل الشيء من ثمره، فقد وعد أن يسلمه إليه ليملكه المُسَلَّم إليه بقبضه إياه، وعلى الرجل في دينه أن يفي بوعده، وإن كان غير مأخوذ به في الحكم، فرخص للمعرِي أن يحبس ما أعرى بأن يعطي المعرى خرصه تمرًا بدلاً منه من غير أن يكون آثمًا، ولا في حكم من أخلف موعدًا، فهذا موضع الرخصة.

ش: تقرير السؤال أن يقال: أحاديث العرايا ذُكرت بالرخصة، والرخصة لا تكون إلا في شيء محرم، والعرايا لو كانت عطية على ما أَوَّله أبو حنيفة لم يكن لذكر الرخصة فيها فائدة ولا معني؛ لأن الرخصة لا دخل لها في العطايا والهبات، فَذِكْر الرخصة يدل على أنها بيع مستثنى من البيوع الحرمة.

وقد أجاب عنه الطحاوي بجوابين:

أحدهما: عن عيسى بن أبان، والآخر: عن غيره، وكلاهما ظاهر.

قوله: "قال: فالمعرى" بفتح الراء.

قوله: "وقال غيره" أي غير عيسى بن أبان.

قوله: "وعلى الرجل في دينه أن يفي بوعده" لورود النصوص من الكتاب والسنة على الحث والتحريض بوفاء المواعيد.

قوله: "فرخص للمعري" بكسر الراء.

قوله: "بأن يعطي المعرَى" بفتح الراء.

ص: وهذا التأويل الذي ذكرناه عن أبي حنيفة أولى ما حُمل عليه وجه هذا الحديث، لأن الآثار قد جاءت عن رسول الله -عليه السلام- متواترة بالنهي عن بيع الثمر بالتمر، منها ما قد ذكرناه في أول هذا الباب، ومنها:

ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني سعيد وأبو سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا تبايعوا الثمر بالتمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>