للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبذلك ثبت قول أبي حنيفة -رضي الله عنه-.

ش: تقرير السؤال أن يقال: نظم حديث عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله يدل على أن العرية بيع؛ لأن في حديثهما: "إلا أنه رخص في العرايا" وقد استثني ذلك من بيع الثمر بالتمر، والمستثنى من جنس المستثنى منه، فثبت بذلك أن العرية بيع ثمر بتمر مستثنى من البيع المحرم المنهي عنه، وهو بيع الثمر بالتمر.

وتقرير الجواب أن يقال: يجوز أن يكون الاستثناء ها هنا لا لما ذكرتم، بل يكون قصد بذلك إلى أن المعرَى -بفتح الراء- قد قصد له أن يأخذ تمرًا بدلاً من التمر الذي في رءوس النخل التى أعريت له، فهذه الصورة في حق غيره حرام، وفي حق المعرَى -بفتح الراء- حلال، فاستثني بذلك بيانًا لهذه العلة ثم إن المعرَى -بفتح الراء- بأخذه التمر بدلاً عن الثمر الذي في رءوس النخل يكون كالبائع لذلك الثمر بالتمر الذي يأخذه من المعري -بكسر الراء- فإطلاق البيع على العرية بهذه الحيثية؛ لا باعتبار أن هناك بائع حقيقة أو بيع حقيقة.

ص: فإن قال قائل: لو كان تأويل هذه الآثار ما ذهب إليه أبو حنيفة، لما كان لذكر الرخصة فيها معني.

قيل له: بل له معنى صحيح، ولكن قد اختلف فيه، ما هو؟

فقال عيسى بن أبان: معني الرخصة في ذلك أن الأموال كلها لا تملك بها أبدالًا إلا من كان مالكها لا يبيع الرجل ما لا يملك ببدل، فيملك ذلك البدل، فإنما يملك ذلك البدل إذا ملكه بصحة ملكه للشيء الذي هو بدل منه.

قال: فالمعرَى لم يكن يملك العرية، لأنه لم يكن قبضها، والتمر الذي يأخذه بدلاً منها، فقد جعل طَيِّيًا له في هذا الحديث، وهو بدل من رطبٍ لم يكن ملكه.

قال: فهذا هو الذي قصد بالرخصة إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>