للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "ولا رُجَبِيَّة" بضم الراء المهملة وفتح الجيم وكسر الباء الموحدة وتشديد الياء آخر الحروف، نسبة إلى الرجب وهو جمع رُجْبَة مثل ركبة تجمع على رُكَب، والرجبة اسم من الترجيب، وهو أن تدعم الشجرة إذا كثر حملها لئلا تنكسر أغصانها، وقال ابن قتيبة: الرجبية هي التى تميل لضعفها؛ فَتُدْعَم من تحتها.

قوله: "ولكن عرايا" استدراك من المعني الأول، أي ولكن كانوا يُعْرون عرايا: أي عطايا.

قوله: "من السنين الجوائح". بالجيم، وفي آخره حاء مهملة، وهو جمع جائحة وهي الشدة التى تجتاح المال من سنة أو فتنة، يقال جاحتهم الجائحة واجتاحتهم، وجاح الله ماله وأجاحه واجتاحه بمعنى، أي أهلكه بالجائحة، وأصل الكلمة من الجوح وهو الاستئصال، يقال: جحت الشيء أجوحه، ويروى: في السنين المواحل، وهو جمع ماحلة من المحل، وهو الجدب والقحط، والمعني أنهم يعرونها في السنين الجدبة، يعني يعطون ثمرتها أهل الحاجة في سِنِيّ الجدب والمجاعة والشدة.

ص: فإن قال قائل: فقد ذكر في حديث زيد بن ثابت: "أن رسول الله -عليه السلام- نهى عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا" فصارت العرايا في هذا الحديث أيضًا هي بيع ثمر بتمر، قيل له: ليس في الحديث من ذلك شيء [إنما] (١) فيه ذكر الرخصة في العرايا مع النهي عن بيع الثمر بالتمر، وقد يقرن الشيء بالشيء، وحكمهما يختلف.

ش: هذا السؤال وارد على تأويل أبي حنيفة، يعني العرية: هي العطية بلا بدل، وليست بيعًا، تقريره أن يقال: إن ما ذكره أبو حنيفة منقوض بما رواه زيد بن ثابت: "أن رسول الله -عليه السلام- عن بيع الثمر -بالثاء المثلثة- بالتمر -بالتاء المثناة من فوق- ورخص في العرايا" فدل ذلك أن العرية أيضًا بيع ثمر بتمر، ولكنه رَخَّص فيها ترفيقًا للناس.


(١) ليست في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>