وهو قول الشافعي وأبي ثور، ولا عرية عندهما في غير النخل والعنب، وقال ابن قدامة في "المغني": العرايا لا تجوز إلا فيما دون خمسة أوسق. وبهذا قال ابن المنذر والشافعي -في أحد قوليه- وقال مالك والشافعي -في القول الآخر-: يجوز في الخمسة، ورواه الجوزقاني عن إسماعيل بن سعيد، عن أحمد، واتفقوا على أنها لا تجوز في الزيادة على خمسة أوسق.
وقال أيضًا: إنما يجوز بيعها بخرصها من التمر لا أقل منه ولا أكثر، ويجب أن يكون التمر الذي يشترى به معلومًا بالكيل، ولا يجوز جزافًا، ولا نعلم في هذا عند من أباح بيع العرايا اختلافًا.
واختلف في معني خرصها من التمر، فقيل: معناه: أن يطيف الخارص بالعرية فينظر كم يجيء منها تمرًا فيشتريها بمثله من التمر، وهذا مذهب الشافعي.
ونقل حنبل عن أحمد أنه قال: يخرصها رطبًا ويعطي تمرًا، ولا يجوز أن يشتريها بخرصها رطبًا. وهو أحد الوجوه لأصحاب الشافعي.
والثاني: يجوز.
والثالث: يجوز مع اختلاف النوع، ولا يجوز مع اتفاقه، ولا يجوز بيعها إلا لمحتاج إلى أكلها رطبًا، ولا يجوز بيعها لغني، وهذا أحد قولي الشافعي، وأباحها في القول الآخر مطلقًا للغني والمحتاج، ولا يجوز بيعها في غير النخل، وهو مذهب الليث، وقال القاضي: يجوز في بقية الثمار من العنب والتين وغيرهما. وهو قول مالك والأوزاعي.
وأجازه الشافعي في النخل والعنب دون غيرهما.
ص: وكان أبو حنيفة -رحمة الله- يقول -فيما سمعت أحمد بن أبي عمران يذكر-: أنه سمع محمد بن سماعة، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة قال: معني ذلك عندنا: أن يعري الرجلُ الرجلَ ثمر نخلة من نخله فلم يُسَلِّم ذلك إليه حتى يبدو له، فرخص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه خرصه تمرًا. وكان هذا التأويل أشبه وأولى