للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: إن خيار الرؤية لم نوجبه قياسيًا وإنما وجدنا أصحاب النبي -عليه السلام- أثبتوه وحكموا به وأجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه، وإنما جاء الاختلاف في ذلك ممن بعدهم، فجعلنا ذلك خارجًا من قول النبي -عليه السلام- البيعان بالخيار حتى يتفرقا، وعلمنا أن النبي -عليه السلام- لم يعن ذلك لإجماعهم على خروجه منه، كما علمنا بإجماعهم على تجويز السلم أنه خارج من نهي رسول الله -عليه السلام- عن بيع ما ليس عندك.

فإن قال قائل: فهل رويتم عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيار الرؤية شيئًا؟ قيل له: نعم.

حدثنا أبو بكرة ومحمد بن شاذان، قالا: ثنا هلال بن يحيى بن مسلم، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن رباح بن أبي معروف المكي، عن ابن أبي مليكة، عن علقمة بن وقاص الليثي، قال: "اشترى طلبة بن عبيد الله من عثمان بن عفان -رضي الله عنهما- مالاً، فقيل لعثمان: إنك قد غبنت وكان المال بالكوفة -قال: وهو مال آل طلحة الآن بها- فقال عثمان: لي الخيار؛ لأني بعت ما لم أر، فقال طلحة: لي الخيار لأني اشتريت ما لم أر، فحكم بينهما جبير بن مطعم، فقضى أن الخيار لطلحة ولا خيار لعثمان".

والآثار في ذلك قد جاءت متواترة وإن كان أكثرها منقطعًا؛ فإنه منقطع لم يضاده متصل.

ش: توجيه هذا السؤال أن يقال: إنكم قد استدللتم بحديث أبي هريرة على صحة عقد المتلقي، وقلتم: إن جعل النبي -عليه السلام- الخيار لصاحب السلعة يدل على صحة البيع، فما بالكم تركتم العمل ببعض الحديث وما جعلتم الخيار للبائع كما جعله النبي -عليه السلام-؟

وتقرير الجواب أن يقال: قد ثبت عن النبي -عليه السلام- بوجوه متعددة أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" فعلمنا بذلك أنهما إن تفرقا فلا خيار لهما، وفيه نظر، لأن المراد من هذا التفرق لا يخلو إما أن يكون عن أقوال أو عن أبدان، فإن قلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>