للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أن هذين خبران هم أول مخالف لما فيهما، فلا كراهة عندهم في بيع الطعام حيث ابتاعه، ولا أسوأ طريقة ممن يحتج بحجة هو أول مبطل لها مخالف لموجبها.

وثالثها: أنهما موافقان لقولنا؛ لأن معنى نهي النبي -عليه السلام- أن يبيعوه حتى يبلغوا به سوق الطعام هو نهي للبائع أن يبيعه وللمشتري أن يبتاعه حتى يبلغ به سوق الطعام.

ورابعها: أنه لو حتى كان فيها نص قال على جواز التلقي -وليس ذلك فيهما- لكان النهي ناسخًا.

وخامسها: أن يضم هذان الخبران إلى أخبار النهي، فيكون البائعون يخيرون في إمضاء البيع، فأمر المبتاعون بنقله حينئذ إلى السوق، فتتفق الأخبار كلها، ولا تحمل على التضاد.

وسادسها: أنا روينا هذا الخبر ببيان صحيح رافع للإشكال من طريق من هو أحفظ وأضبط من جويرية كما روينا من طريق البخاري (١): نا مسدد، نا يحيى، عن عبيد الله -هو ابن عمر- حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: "كانوا يبتاعون الطعام في أعلى السوق، ويبيعونه في مكانه، فنهاهم النبي -عليه السلام- أن يبيعوه في مكانه حتى ينقلوه".

ومن طريق مسلم (٢): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير .. إلى آخر ما ذكرناه عن قريب.

فهذا يبين أن البيع كان في السوق إلا أنه في أعلاه، وفي الجزاف خاصة فنهي المشترون عن ذلك. انتهى.

قلت: هذا الذي ذكره كله فاسد.


(١) "صحيح البخاري" (٢/ ٧٥٩ رقم ٢٠٥٩).
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>