للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستفاد من هذه الأحاديث أحكام:

الأول: فيه دليل على أن لحم الصيد حلال أكله للمحرم إذا لم يصده وصاده الحلال.

الثاني: فيه دليل على أن قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (١) معناه الاصطياد، وقيل: الصيد وأكله لمن صاده، وأما من لم يصده فليس بمن عني بالآية، والله أعلم، وتكون هذه الآية على هذا التأويل مثل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} (٢) سواء؛ لأن هذه الآية إنما ينهى فيها عن قتل الصيد واصطياده لا غير، قاله أبو عمر.

الثالث: فيه دليل على أن المحرم إذا أعان الحلال على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز له، وهذا إجماع من العلماء، واختلفوا في المحرم يدل الحلال أو المحرم على الصيد، فأما إذا دل المحرم الحلال على الصيد فقال مالك والشافعي وأصحابه: يكره ذلك له، ولا جزاء عليه، وهو قول ابن الماجشون وأبي ثور، ولا شيء عليه، وقال أبو حنيفة وأصحابه: عليه الجزاء، قال أبو حنيفة: ولو دله في الحرم لم يكن عليه جزاء. وقال زفر: عليه الجزاء، في الحل دله عليه أو في الحرم، وبه قال أحمد وإسحاق، وهو قول علي وابن عباس وعطاء، واختلف العلماء أيضًا فيما يجب على المحرم يدل المحرم على الصيد فيقتله، فقال قوم: عليه كفارة واحدة، منهم عطاء وحماد بن أبي سليمان، وقال آخرون: على كل واحد منهما كفارة، روي ذلك عن سعيد بن جبير والشعبي والحارث العكلي، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وعن سعيد بن جبير أنه قال: على كل واحد من القاتل والآمر والمشير والدال جزاء، وقال الشافعي وأبو ثور: لا جزاء إلَّا على القاتل وحده، واختلفوا في الجماعة يشتركون في قتل صيد، فقال مالك: على كل


(١) سورة المائدة، آية: [٩٦].
(٢) سورة المائدة، آية: [٩٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>