للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبوا، فأخذه ثم شد على الحمار فقتله، فأكل منه بعض أصحاب النبي -عليه السلام-، وأبى بعضهم، فلما أدركوا رسول الله -عليه السلام- سألوه عن ذلك، فقال: إنما هي طعمة أطعمكموها الله".

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أخبره عن أبي قتادة مثله، وزاد: "أن رسول الله -عليه السلام- قال: هل معكم من لحمه شيء؟ ".

فقد علمنا أن أبا قتادة لم يصده في وقت ما صاده إرادة منه أن يكون له خاصة، وإنما أراد أن يكون له ولأصحابه الذين كانوا معه، فقد أباح رسول الله -عليه السلام- ذلك لهم وله ولم يحرمه عليهم لإِرادته أن يكون لهم معه، وفي حديث عثمان بن عبد الله بن موهب: "أن رسول الله -عليه السلام- سألهم فقال: أشرتم أو صدتم أو قتلتم؟ قالوا: لا، قال: فكلوا". فدل أنه إنما يحرم عليهم إذا فعلوا شيئًا من هذا، ولا يحرم عليهم بما سوى ذلك وفي ذلك دليل أن معنى قول رسول الله -عليه السلام- في حديث عمرو مولى المطلب: "أو يصاد لكم" أنه على ما صيد لهم بأمرهم، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار المروية عن رسول الله -عليه السلام-.

ش: أراد بهذا الكلام أن أحاديث علي بن أبي طالب وزيد بن أرقم والصعب ابن جثامة التي احتجت بها أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه لا يستقيم لهم الاحتجاج بها، وذلك لأن حديثي طلحة بن عبيد الله وعمير بن سلمة قد عارضا أحاديث هؤلاء؛ لأن في أحاديثهم يخبر بأن المحرم لا يباح له الأكل من لحم الصيد الذي اصطاده حلال، وفي حديثي طلحة وعمير يخبر بأن ذلك حلال للمحرم، فسقط الاحتجاج بالجميع، غير أنه ليس في حديثهما ما يدل على حكم الصيد إذا أراد الحلال به المحرم، فلما اعتبرنا ذلك، وجدنا أحاديث عن أبي قتادة -رضي الله عنه- تدل على شيئين:

أحدهما: جواز أكل المحرم من الصيد الذي اصطاده حلال مريدًا به لأجل المحرم، وذلك لأن أبا قتادة لما صاد صيده لم يكن إراد به أن يكون لنفسه خاصة،

<<  <  ج: ص:  >  >>