قوله:"ثم قد روي عن أنس ما يدل على أن معنى ذلك عنده" أي: ما يدل على أن معنى ما رواه عن النبي - عليه السلام - عنده مثل معنى ما روي عن ابن عباس من التخيير بين الصوم والإفطار في السفر.
وبَيَّنَ ذلك بقوله:"حدثنا إبراهيم بن محمَّد ... " إلى آخره.
وأخرجه من ثلاث طرق صحاح:
الأول: عن إبراهيم بن محمَّد بن يونس مولى عثمان بن عفان، عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن عاصم بن سليمان الأحول، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.
الثاني: عن فهد، عن أبي نعيم الفضل بن دُكين، عن الحسن بن صالح بن صالح بن حي الكوفي، عن عاصم الأحول، عن أنس.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): ثنا أبو معاوية ومروان بن معاوية، عن عاصم قال:"سئل أنس عن الصوم في السفر، فقال: من أفطر فرخصة، ومن صام فالصوم أفضل".
الثالث: عن أبي بكرة بكار، عن روح بن عبادة، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أنس.
ص: وكان مما احتج به أيضًا أهل المقالة الأولى في رفعهم الصوم في السفر ما قد ذكرنا في غير هذا الموضع من قول رسول الله - عليه السلام -: "إن الله قد وضع عن المسافر الصيام".
قالوا: فلما كان الصيام موضوعًا عنه كان إذا صامه فقد صامه وهو غير مفروض عليه فلا يجزئه.
فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك: أنه قد يجوز أن يكون ذلك الصيام