للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا روح، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت عاصمًا يحدث، عن أنس قال: "إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر، والصوم أفضل".

ش: تقرير السؤال أن يقال: كيف تقولون بأن حكم الصوم في السفر باق وأنه مباح، وقد روي في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس أن رسول الله - عليه السلام - خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس، وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - عليه السلام -.

فهذا يدل على أن الفطر آخر الأمرين، وأنهم أخذوا به، فيكون ناسخًا لحكم الصوم الذي كانوا يصومونه في السفر.

وتقرير الجواب أن يقال: إن معنى قوله: "وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله - عليه السلام -" ليس مثل ما فهمتم من كونه دالًّا على النسخ، وإنما معناه أنهم لم يكونوا عالمين قبل ذلك بعدم إباحة الإفطار للمسافر كما كان ذلك غير مباح للمقيم، وكان حكم السفر والإقامة في ذلك سواء عندهم، حتى أحدث لهم رسول الله - عليه السلام - ذلك الفعل الذي أباحه لهم من الإفطار في السفر؛ فأخذوا بذلك، على أن لهم الإفطار على الإباحة ولهم ترك الإفطار.

قوله: "ويدل على ذلك ما قد ذكرناه عنه" أي: ويدل على ما ذكرنا من المعنى ما قد ذكرناه عن ابن عباس من قوله: "إنما أراد -عز وجل- بالفطر في السفر التيسير عليكم، فمن يُسِّر عليه الصيام فليصم، ومن يُسِّر عليه الفطر فليفطر".

قوله: "وقد ذكرنا عن أنس بن مالك، عن النبي - عليه السلام - في ذلك قريبًا مما ذكرناه عن ابن عباس، عن النبي - عليه السلام -" وأراد به ما رواه بكر بن عبد الله المزني، عن أنس: "أن رسول الله - عليه السلام - كان في سفر ومعه أصحابه، فشق عليهم الصوم ... " الحديث، وقد مَرَّ عن قريب، ومعنى هذا قريب من معنى حديث ابن عباس؛ لأن فيه أن النبي - عليه السلام - طلب الإناء وشرب وهو على راحلته.

فهذا يدل على أنه أحدث لهم حكم إباحة الإفطار في السفر؛ لأنهم كانوا عالمين بذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>