للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي أخرجه من طرق عديدة فيها إفطار النبي - عليه السلام - في السفر.

قوله: "ما حدثنا يونس" مَقول القول، أي: وقد قال ابن عباس ما حدثنا يونس ابن عبد الأعلى، عن عليّ بن معبد بن شداد، عن عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الأسدي الرقي روى له الجماعة، عن عبد الكريم بن مالك الجزري روى له الجماعة، عن طاوس بن كيسان اليماني روى له الجماعة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.

وأخرجه الجصاص في "أحكامه" (١): من رواية عبد الكريم، عن طاوس، عن ابن عباس قال: "لا يُعْتب (٢) على من صام ولا على من أفطر؛ لأن الله تعالى قال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٣) ".

والأثر الثاني: عن أبي بكرة بكار، عن رَوْح بن عبادة، عن شعبة، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن ابن عباس.

وهذا أيضًا إسناد صحيح.

وأخرجه البخاري (٤) ومسلم (٥): من حديث جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "سافر رسول الله - عليه السلام - في رمضان حتى بلغ عُسفان، ثم دعى بإناء من ماء فشرب نهارًا ليراه الناس، فأفطر حتى قدم مكة، فكان ابن عباس يقول: صام رسول الله - عليه السلام - في السفر وأفطر، فمن شاء صام ومَن شاء أفطر".

وقد أخرجه الطحاوي أيضًا فيما مضى.

فهذا ابن عباس - رضي الله عنهما - لم يجعل إفطار النبي - عليه السلام - في السفر بعد صيامه فيه -أي في السفر- ناسخًا للصوم في السفر، ولكن جعله على جهة التيسير، وأخبر في أثره المذكور أن اليسر المذكور فيه أُريد به التخيير، فلولا احتمال الآية لما تأولها عليه.


(١) "أحكام القرآن" (١/ ٢٦٥).
(٢) كذا في "الأصل، ك" وفي "أحكام القرآن" للجصاص، و"مصنف عبد الرزاق" (٢/ ٥٧٠ رقم ٤٤٩٨): "نعيب".
(٣) سورة البقرة، آية: [١٨٥].
(٤) "صحيح البخاري" (٤/ ١٥٥٩ رقم ٤٠٢٩).
(٥) "صحيح مسلم" (٢/ ٧٨٥ رقم ١١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>