التَّقَوِّي على عدوهم كما جاء في الحديث أيضًا منصوصًا، فلا يكون هذا بحكم الاختيار.
وقال المهلب: يحتمل أن يكون فطرهم في يومهم بعد تبييتهم الصوم، ويحتمل أن يكون فيما يأتي ويستقبلون بعد يومهم ويبيِّنون فطرهم.
قال القاضي: ثم اختلف المانعون للفطر بعد عقد الصوم فيه: هل عليه كفارة أم لا؟ وعن مالك وأصحابه في ذلك قولان، وبسقوط الكفارة قال جمهور أصحابه وكافة أئمة الفتوى وعلماء الأمصار. وفرَّق ابن الماجشون في فطره فأوجب الكفارة إن كان بجماع، وأسقطها بغيره، وهو أحد قولي الشافعي على أصله في أنه لا يكفر إلا المجامع.
وكذلك اختلفوا في يوم خروجه:
فذهب مالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وجمهور العلماء أنه لا يفطر إذا خرج صائمًا ولا يوم خروجه وقد لزمه الصوم، وقد ذهب بعض السلف وأحمد وإسحاق والمزني إلى جواز ذلك له.
وقال الحسن: له الفطر في بيته إذا أراد السفر في يومه. واختلف المذهب في وجوب الكفارة عليه عندنا في هذين الوجهين إنْ هو أفطر قبل خروجه أو هو أفطر بعده.
ومنها أن فيه جواز الصوم في السفر ردًّا على مَن منعه.
الرابع: في حديث رجل من أصحاب النبي - عليه السلام - جواز صبّ الماء على رأسه في نهار الصوم، وأن ذلك لا يضر صومه، والله أعلم.
ص: فإن قال قائل: إن فِطر رسول الله - عليه السلام - وأمَره أصحابه بذلك بعد صومه وصومهم الذي لم يكن ينهاهم عنه ناسخٌ لحكم الصوم في السفر أصلًا.
قيل له: وما دليلك على ما ذكرت في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - الذي قد ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا أنه كان يصوم مع رسول الله - عليه السلام - في السفر بعد ذلك؟ فدل هذا الحديث على أن الصوم في السفر بعد إفطار النبي - عليه السلام - المذكور في هذه