وقال الحازمي: اختلف أهل العلم في هذا؛ فقال بعضهم: على الجالس أن يقوم إذا رأى الجنازة، وممن رأى ذلك: أبو مسعود البدري وأبو سعيد الخدري وقيس بن سعد وسهل بن حنيف وسالم بن عبد الله.
وقال أحمد بن حنبل: إن قام لم أَعِبْهُ، وإن قعد فلا بأس. وبه قال إسحاق بن إبراهيم
وزعم صاحب "المهذب" أنه مخير بين القيام والقعود، وفي شرحه: قال جماعة: يكره القيام إذا لم يرد المشي معها. وبه قال أبو حنيفة، وقال صاحب "التتمة": يستحب القيام، وحديث علي - رضي الله عنه - مبين للجواز، وقال القرطبي: فأما القيام على القبر حتى يقبر فكرهه قوم، وعمل به آخرون، روي ذلك عن علي وعثمان وابن عمر، وأمر به عمرو بن العاص.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس على من مرت به جنازة أن يقوم لها، ولمن تبعها أن يجلس وإن لم توضع.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون وأراد بهم: عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة والأسود ونافع بن جبير وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: ليس على الذي مرت به جنازة أن يقوم لها، وللذي تبعها أن يجلس وإن لم توضع. وهو قول عطاء بن أبي رباح ومجاهد وأبي إسحاق، ويروى ذلك عن علي بن أبي طالب وابنه الحسن وابن عباس وأبي هريرة؛ قاله الحازمي، وقال عياض: ومنهم من ذهب إلى التوسعة والتخيير وليس بشيء، وهو قول أحمد وإسحاق، وقاله ابن حبيب المالكي وابن ماجشون من المالكية.
ص: وقالوا: أما قيام النبي - عليه السلام - لجنازة اليهودي في الحديث الذي رواه قيس بن سعد وسهل بن حنيف؛ فإن ذلك لم يكن من النبي - عليه السلام - لأن من حكم الجنائز أن يقام لها، ولكن كان لمعنى غير ذلك، وذكروا في ذلك ما حدثنا