للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثبت بحديثه هذا أن نسخ الكلام في الصلاة كان بالمدينة بعد قدوم رسول الله - عليه السلام - من مكة، مع أن أبا هريرة لم يحضر تلك الصلاة مع رسول الله - عليه السلام - أصلًا؛ لأن ذا اليدين قتل يوم بدر مع رسول الله - عليه السلام - وهو أحد الشهداء؛ قد ذكر ذلك محمد بن إسحاق وغيره وقد روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - ما يوافق ذلك.

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا سعيد بن أبي مريم، قال: أنا الليث بن سعد، قال: حدثني عبد الله بن وهب، عن عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أنه ذكر له حديث ذي اليدين، فقال: كان إسلام أبي هريرة بعد ما قتل ذو اليدين".

وإنما قول أبي هريرة عندنا: "صلى بنا رسول الله - عليه السلام -" يعني: بالمسلمين، وهذا جائز في اللغة، وقد روي مثل هذا عن النزال بن سبرة:

حدثنا فهد وأبو زرعة الدمشقي، قالا: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا وإياكم كنا ندعى بنو عبد مناف، وأنتم اليوم بنو عبد الله، ونحن بنو عبد الله يعني لقوم النزال" فهذا النزال يقول: "قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وهو لم ير رسول الله - عليه السلام - يريد بذلك: قال لقومه، وقد روي عن طاوس أنه قال: قدم علينا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - فلم يأخذ من الخضروات شيئًا، وطاوس لم يدرك ذلك؛ لأن معاذًا - رضي الله عنه - إنما قدم اليمن في عهد رسول الله - عليه السلام - ولم يولد طاوس حينئذ، فكان معني قوله: "قدم علينا" أي: قدم بلدنا. وروي عن الحسن أنه قال: خطبنا عتبة بن غزوان" يريد خطبته بالبصرة والحسن لم يكن بالبصرة حينئذ؛ لأن قدومه لها إنما كان قبل صفين بعام.

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا يوسف بن عدي، قال: ثنا ابن إدريس، عن شعبة، عن أبي رجاء قال: "قلت للحسن: متى قدمت البصرة؟ قال: قبل صفين بعامٍ، فكان معنى قول النزال: "قال لنا رسول الله - عليه السلام -" ومعنى قول طاوس: "قدم علينا معاذ" ومعنى قول الحسن: "خطبنا عتبة بن غزوان" إنما يريدون بذلك قومهم وبلدتهم لا أنهم حضروا ذلك ولا شهدوه، فكذلك قول أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>