أنه أتم الصلاة، وكلام ذي اليدين على ظن أنه قصر الصلاة، وكلام القوم كان لوجوب إجابة النبي - عليه السلام - أو على تأويل ذي اليدين، أو لعلهم لم يسمعوا جواب النبي - عليه السلام - له، وعلى كل حال لم يكن كدام كل منهم قاطعًا للصلاة انتهى.
ثم اعلم أن مذهب فقهاء الأمصار أن خبر الواحد تقوم به الحجة ويجب به العمل في أمور الدين، ولكن لا يثبت علم اليقن، وعند بعض أهل الحديث يثبت بخبر الواحد علم اليقين، ثم منهم من اعتبر فيه عدد الشهادة ليكون حجة، ومنهم من اعتبر أقصى عدد الشهادة وهو أربعة، فإذا كان الأمر كذلك فقد قال القائل بخبر ذي اليدين: إن خبر الواحد تقوم به الحجة ويجب به الحمل، فقال الطحاوي -رحمه الله- في جواب هذا: فقد أخبر ذو اليدين رسول الله - عليه السلام - بما أخبره به أي بالذي أخبر رسول الله - عليه السلام - به "وهو رجل" أي: والحال أنه رجل "من أصحابه مأمون"، "فالتفت" أي: النبي - عليه السلام - "بعد إخباره إياه" أي: بعد إخبار ذي اليدين "إياه" أي: النبي - عليه السلام - "بذلك"، وقوله "إلى أصحابه" يتعلق بقوله: "فالتفت" فقال ذو اليدين للنبي - عليه السلام -: "أقصرت الصلاة؟ فكان متكلمًا بذلك" أي: بقوله: "أقصرت الصلاة" بعد علمه بأنه في الصلاة، على مذهب هذا المخالف" وهو القائل بحديث ذي اليدين "فلم يكن ذلك" أي: قوله: "أقصرت الصلاة" مخرجًا له من الصلاة، فقد لزمه أي: إذا كان الأمر كذلك فقد لزم هذا المخالف بهذا أي: بالذي ذكرناه على أصله: أن ذلك الكلام كان قبل نسخ الكلام في الصلاة، وأنه كان حين كان الكلام مباحًا.
ص: وحجة أخرى: أن رسول - عليه السلام - لما أقبل على الناس فقال: "أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم" وقد كان يمكنهم أن يومئوا إليه بذلك، فيعلمه منهم، فقد كلموه بما كلموه به مع علمهم أنهم في الصلاة، فلم ينكر ذلك عليهم، ولم يأمرهم بالإعادة، فدل ذلك أن ما ذكرنا مما في حديث ذي اليدين كان قبل نسخ الكلام.
ش: أشار به إلى جواب آخر عما قاله القائل بحديث ذي اليدين، بيانه: أنه - عليه السلام - لما أقبل على الناس بعد أن قال له ذو اليدين ما قاله، فقال: "أصدق ذو اليدين؟