ش: تقدير السؤال أن يقال: لا نسلم أن المصلي يخرج من صلاته بما ذكر في حديث ذي اليدين؛ لأنه فعل ذلك والحال أنه لا يرى أن نفسه في الصلاة، وإنما كان يخرجه ذاك أن لو رأى أنه في الصلاة.
وتقرير الجواب أن يقال: إذا التزمت ذلك لزمك أن تقول: لو طعم -بكسر العين- أي: كل في الصلاة أو شرب، والحال: أنه لا يرى أنه في الصلاة أن ذلك لا يخرجه من الصلاة، وكذلك لو باع أو اشترى، أو جامع امرأته، والحال: أنه لا يرى أنه في الصلاة، كان لزمك أيضًا أن تقول: إن هذه الأشياء لا تخرجه من الصلاة، فكفى بذلك فسادًا.
قوله:"فإن كان شيء ... إلى آخره" مقدمه يترتب عليها صحة ما ادعينا من انتساخ حديث ذي اليدين، بيان ذلك: أن شيئًا مما ذكرنا من الأكل في الصلاة أو الشرب أو البيع أو الشراء أو الجماع فيها إن كان يخرج الرجل من صلاته وإن كان يرى هو أنه ليس في الصلاة، فالقياس على هذا يقتضي أن يكون الكلام الذي ليس من أعمال الصلاة يخرجه من الصلاة، وإن كان قد تكلم به، والحال أنه لا يرى أنه في الصلاة، فالخصم بالضرورة يلتزم صحة المقدمة المذكورة فعليه يلزمه صحة ما يترتب عليها مما قد ذكرناه.
ص: وقد زعم القائل بحديث ذي اليدين: أن خبر الواحد تقوم به الحجة، ويجب به العمل، فقد أخبر ذو اليدين رسول الله - عليه السلام - بما أخبره به، وهو رجل من أصحابه مأمون، فالتفت بعد إخباره إياه بذلك إلى أصحابه فقال: أقصرت الصلاة؟ فكان متكلمًا بذلك بعد علمه بأنه في الصلاة على مذهب هذا المخالف لنا، فلم يكن ذلك مخرجًا له من الصلاة، فقد لزمه بهذا على أصله أن ذلك الكلام كان قبل نسخ الكلام في الصلاة.
ش: القائل بحديث ذي اليدين هو ربيعة ومالك والشافعي وأحمد، وقال القاضي عياض: المشهور عن مالك وأصحابه الأخذ بحديث ذي اليدين، فإذا كان معمولًا به فلا يكون منسوخًا، وإن كان كلام النبي - عليه السلام - كان على يقين