للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المعنى خلاف المعنى المذكور أولًا، ولكن له احتمالان:

أحدهما: أن يكون لما أراد أن يُريَهم ذلك نوى الإقامة، فصار حينئذٍ مقيمًا، فصار فرضه أربعًا، فصل أربعًا.

والآخر: يحتمل أن يكون فعل ما فعل والحال أنه مسافر لتلك العلة المذكورة.

ثم قال الطحاوي -رحمه الله -: والتأويل الأول أشبه عندنا، والله أعلم. [٣/ ق ٢٠٨ - أ] (١)

ثم بيّن وجه ذلك بقوله: "لأن الأعراب ... " إلى آخره.

فإن قيل: بل التأويل الثاني أشبه وأقرب إلى الصواب.

والدليل عليه ما قاله البيهقي في "المعرفة" (٢): قد روينا بإسناد حسن، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه: "أن عثمان أتمّ بمنى، ثم خطب الناس فقال: أيها الناس، إن السنة سنة رسول الله - عليه السلام - وسنة صاحبيه، ولكن حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا".

ثم قال البيهقي: وهذا يؤيد رواية أيوب عن الزهري: "أن عثمان أتم بمنى لأجل الأعراب لأنهم كثروا عامئذٍ" ويُضعّف ما رواه معمر عنه: "أن عثمان - رضي الله عنه - إنما صلى بمنى أربعًا لأنه أجمع الإقامة بعد الحج".

وقال أبو عمر: قال ابن جريج: "إن أعرابيًّا نادى عثمان في مني: يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام الأول صليتها ركعتين، فخشي عثمان - رضي الله عنه - أن يظن جهال الناس أن الصلاة ركعتان".

قلت: الذي يظهر لي أن كلاًّ من التأويلين بعيد.


(١) حدث خلط في ترتيب المخطوط. فكان [ق ٢٠٨ أ] مع [ق ٢١٠ ب] و [ق ٢١٠ أ] مع [ق ٢٠٩ ب] و [ق ٢٠٩ أ] مع [ق ٢٠٨ ب] وتم الترتيب الصحيح ولله الحمد.
(٢) "معرفة السنن والآثار" (٤/ ٤٧٣ رقم ١٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>