للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول: فلأن الإقامة بمكة حرام على المهاجر فوق ثلاثة أيام، ويعارضه أيضًا ما قاله أبو عمر بن عبد البر: المعروف عن عثمان أنه ما كان يطوف للإفاضة والوداع إلا ورواحله قد رُحّلت، فهذه الحالة ليست حالة من ينو الإقامة.

وأما الثاني: فلما ذكرنا من إتمامه لو كان للعلة التي ذكرت لكان النبي - عليه السلام - أولى به؛ لأن جهالة الأعراب كانت أشد وأكثر في زمن النبي - عليه السلام -، وكانوا أحوج إلى ذلك في زمنه من زمن عثمان - رضي الله عنه -؛ لأن أمر الصلاة أشتهر في زمنه أكثر مما كان في زمن النبي - عليه السلام - ومع هذا لم يتم النبي - عليه السلام -.

وقال جماعة آخرون في تأويل إتمام عثمان ما أشار إليه الطحاوي بقوله: "وقد قال آخرون ... " إلى آخره، وأراد بهم: محمد بن سيرين وإبراهيم النخعي وقتادة؛ فإنهم قالوا: المعنى في إتمام عثمان الصلاة بمنى: من أجل أنه كان يذهب إلى أنه لا يقصر الصلاة إلا من حل وارتحل، وأراد به المسافر الذي يحل في أرض -أي: ينزل- ثم يرتحل ويحمل معه الزاد والمزاد فإنه هو الذي يقصر الصلاة، وأما الذي يدخل مصرًا من الأمصار ويستغني عن حمل الزاد والمزاد فإنه لا يقصر، وقد يقال: المراد من الحال المرتحل: المغازي الذي لا يقفل عن غزوٍ إلا عقّبه آخر.

قوله: "واحتجوا في ذلك" أي احتج هؤلاء الآخرون فيما قالوا من المعنى في إتمام عثمان الصلاة بما رواه قتادة وعباس بن عبد الله وأبو المهلب.

أما ما رواه قتادة: فأخرجه عن أبي بكرة بكار القاضي، عن أبي عمر حفص ابن عمر الضرير، عن حماد بن سلمة، عن قتادة ... إلى آخره.

وهو منقطع.

وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١): ثنا أبو الأحوص، عن عاصم، عن ابن


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٢٠٣ رقم ٨١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>