للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن حديث أبي هريرة يدل على أن وقت العصر بعد خروج وقت الظهر، وقد ثبت في الآثار المذكورة أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، فيكون انتهاء هذا ابتداء وقت العصر، وهذا واضح لمن له فطانة، واللهَ أعلم.

ثم إسناد حديث أبي هريرة صحيح.

والأعمش هو سليمان، وأبو صالح اسمه ذكوان الزيات.

وأخرجه الترمذي (١): ثنا هناد، قال: ثنا محمد بن الفضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "إن للصلاة أولًا وآخرًا، وان أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإن أول وقت العصر حين يدخل وقتها، وإن آخر وقتها حين تصفر الشمس، وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق، وان أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل، وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر، وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس".

وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في "مصنفه" (٢): عن ابن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - عليه السلام - ... إلى، آخره نحوه.

قوله: "إن للصلاة أولًا وآخرًا" معناه أن الصلاة المفروضة تكون في وقت محدد له ابتداء وانتهاء، ولقد بيَّن في هذا الحديث أوائل الصلوات الخمس وأواخرها، غير أنه قال: "وآخر وقتها" أي وقت صلاة الظهر "حين يدخل وقت العصر، وأن أول وقت العصر حين يدخل وقتها"، ولم يبيِّن في ذلك انتهاء وقت الظهر ما هو حتى نعلم ابتداء وقت العصر؛ وذلك لما سبق بيانه.

وتقريره عندهم: أنه - عليه السلام - بيَّن ذلك قولًا وفعلًا كما في الآثار المذكورة.

قوله: "حين تصفرّ الشمس" أراد به وقت الجواز والضرورة، وإلا فالوقت المستحب في العصر إلى ما قبل اصفرار الشمس.


(١) "جامع الترمذي" (١/ ٢٨٣ رقم ١٥١).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٢٨١ رقم ٣٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>