ما جعل للأزواج عليهن في الآية الأخرى إنما هو في قرب بلوغ الأجل لا بعد بلوغ الأجل، فكذلك ما روي عمن ذكرنا عن رسول الله - عليه السلام - أنه صلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله يحتمل أن يكون على قرب أن يصير ظل كل شيء مثله، فيكون الظل إذا صار مثله قد خرج وقت الظهر، والدليل على ما ذكرنا من ذلك: أن الذين ذكروا هذا عن النبي - عليه السلام - قد ذكروا عنه في هذه الآثار أيضًا أنه صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، ثم قال:"ما بين هذين وقت" فاستحال أن يكون بينهما وقت وقد جمعهما في وقت واحد، ولكن معنى ذلك عندنا -واللهَ أعلم- على ما ذكرنا، وقد دلّ على هذا أيضًا ما في حديث أبي موسى، وذلك أنه قال فيما أخبر عن صلاته - عليه السلام - في اليوم الثاني:"ثم أخَّر الظهر حتى كان قريبًا من العصر، فأخبر أنه إنما صلاها في ذلك اليوم في قرب دخول وقت العصر لا في وقت العصر.
فثبت بذلك إذْ أجمعوا في هذه الروايات أن بعد ما يصير ظل كل شيء مثله وقتٌ للعصر؛ أنه محال أن يكون وقتًا للظهر؛ لإخباره أن الوقت الذي لكل صلاة فيما بين صلاتيه في اليومين.
وقد دلّ على ذلك أيضًا ما قد حدثنا الربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا محمَّد بن الفضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن للصلاة أولًا وآخرًا، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر".
فثبت بذلك أن دخول وقت العصر بعد خروج وقت الظهر.
ش: حاصل هذا الكلام: أنه بيَّن أنه اختار أن وقت الظهر يمتد إلى صيرورة ظل كل شي مثله كما قال به الجمهور خلافًا لأبي حنيفة فيما روى محمد بن الحسن عنه: أنه يمتد إلى صيرورة ظل كل شيء مثليه.
بيان ذلك: أن قول ابن عباس وأبي سعيد وجابر وأبي هريرة أنه - عليه السلام - صلاها في اليوم الثاني حين كان ظل كل شي مثله يحتمل أمرين: