للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة نزل جبريل - عليه السلام - على النبي - عليه السلام - فصلى به الظهر -وذكر المواقيت وقال-: فصلى به المغرب حين غابت الشمس، وقال في اليوم الثاني: فصلى به المغرب حين غابت الشمس".

ص: فأما ما روي عن رسول الله - عليه السلام - في هذه الآثار في صلاة الفجر فلم يحتلفوا عنه فيه أنه صلاها في اليوم الأول حين طلع الفجر وهو أول وقتها، وصلاها في اليوم الثاني حين كادت الشمس أن تطلع، وهذا اتفاق المسلمين أن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وآخر وقتها حين تطلع الشمس.

ش: لما فرغ عن سوق أحاديث هذا الباب شرع يتكلم فيها مما وقع عليه الاتفاق والاختلاف وفي بيان معاني الأحاديث المذكورة وكيفية استنباط الأحكام منها فقدم الكلام أولًا في الفجر؛ لأنه حكم اتفاقي ليس فيه خلاف ولهذا قال: وهذا اتفاق المسلمين: أن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر أي أول وقت صلاة الفجر حين يطلع الفجر الثاني وهو الفجر الصادق، وقد تكلمنا في هذا الموضع بما فيه الكفاية في معنى حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في أول الباب.

ص: وأما ما ذكر عنه في صلاة الظهر فإنه ذكر عنه أنه صلاها حين زالت الشمس، وعلى ذلك اتفاق المسلمين أن ذلك هو أول وقتها، وأما آخر وقتها فإن ابن عباس وأبا سعيد وجابرًا وأبا هريرة - رضي الله عنهم - رووا أنه صلاها في اليوم الثاني حين كان ظل كل شيء مثله، فاحتمل ذلك على قرب أن يصير ظل كل شيء مثله، وهذا جائز في اللغة، قال الله -عز وجل-: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (١) فلم يكن ذلك الإمساك والتسريح مقصودًا به أن يفعل بعد بلوغ الأجل؛ لأنها بعد بلوغ الأجل قد بانت وحرم عليه أن يمسكها، وقد بيَّن الله -عز وجل- في موضع آخر فقال: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (٢)، فأخبر الله -عز وجل- أن لهن بعد بلوغ أجلهن أن ينكحن، فثبت بذلك أن


(١) سورة البقرة، آية: [٢٣١].
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٣٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>