للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر حادث وطارئ. إلا فى المهمّ النازل والحدث العام. فإنك إذا فعلت ذلك به، دعوته إلى نصحك. واستوليت على محض (١) ضميره فى طاعتك. وأجهد نفسه فى تزيينك (٢). وأعمل رأيه فى بلوغ موافقتك وإعانتك (٣). وكان ثقتك وردأك (٤) وقوتك ودعامتك. وتفرغت أنت لمكايدة عدوك. مريحا نفسك من همّ ذلك والعناية به.

ملقيا عنك مؤنة باهظة. وكلفة (٥) فادحة. إن شاء الله.

ثم اعلم أن القضاء من الله بمكان ليس به شىء من الأحكام: ولا بمثل (٦) محلّه أحد من الولاة. لما يجرى على يديه من مغاليظ الأحكام ومجارى الحدود. فليكن من تولّيه القضاء فى عسكرك من ذوى الخير فى القناعة والعفاف والنّزاهة والفهم والوقار والعصمة والورع. والبصر بوجوه القضايا ومواقعها. قد حنّكته السن. وأيّدته (٧) التجربة. وأحكمته الأمور. ممن لا يتصنّع للولاية. ويستعدّ للنّهزة وبجترئ على المحاباة فى الحكم. والمداهنة فى القضاء. عدل الأمانة. عفيف الطّعمة (٨). حسن الإنصات (٩) فهم القلب. ورع الضمير. متخشّع السّمت (١٠). بادى (١١) الوقار. محتسبا (١٢) للخير.

ثم أجر عليه ما يكفيه ويسعه ويصلحه، وفرّغه لما حمّلته وأعنه على ما ولّيته، فإنك قد عرّصته لهلكة الدنيا وبوار (١٣) الآخرة، أو شرف العاجلة وحظوة الآجلة، إن حسنت نيّته، وصدقت رويته، وصحّت سريرته، وسلّط حكم الله على رعيته، مطلقا عنانه (١٤)، منفّذا قضاء الله فى خلقه؛ عاملا بسنّته فى شرائعه، آخذا بحدوده


(١) فى صبح الأعشى «على محصول ضميره».
(٢) فى الأصل: «ترتيبك».
(٣) هذه الجملة ساقطة من المنظوم والمنثور.
(٤) الردء: العون، وفيه «وزينك».
(٥) فيه «وسلفة» وهو تحريف.
(٦) فيه «بمثله».
(٧) أى فوته.
(٨) الطعمة: المأكلة.
(٩) وفى صبح الأعشى «الإنصاف».
(١٠) السمت: هيئة أهل الخبر.
(١١) فى المنظوم والمنثور «هادى الوقار».
(١٢) احتسب به أجرا عند الله: اعتده ينوى به وجه الله.
(١٣) فى المنظوم والمنثور «وثواب الآخرة» وهو تحريف.
(١٤) ساقطة من المنظوم والمنثور.

<<  <  ج: ص:  >  >>