للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوهن من قوتهم، فإن إصابة (١) عدوّك الرجل الواحد من جندك وعبيدك مطمع لهم فيك، مقوّ لهم على شحذ أتباعهم عليك، وتصغيرهم أمرك، وتوهينهم تدبيرك، فحذّره ذلك وتقدّم إليه فيه، ولا يكونن منه إفراط فى التضييق عليهم، والحصر لهم، فيعمّهم أزله (٢)، ويشملهم ضنكه، ويسوء عليه حالهم (٣)، وتشتد به المؤنة عليهم، وتخبث له ظنونهم، وليكن موضع إنزاله إياهم ضامّا لجماعتهم، مستديرا بهم جامعا لهم (٤)، ولا يكون منبسطا منتشرا متبدّدا، فيشق ذلك على أصحاب الأحراس، وتكون فيه النّهزة (٥) للعدو، والبعد من المادّة، إن طرق طارق فى فجآت الليل وبغتاته، وأوعز إليه فى أحراسه، وتقدّم (٦) إليه فيهم كأشدّ التقدّم، وأبلغ الإيعاز، ومره فليولّ عليهم رجلا ركينا مجرّبا جرئ الإفدام ذاكى (٧) الصّرامة، جلد الجوارح، بصيرا بمواضع أحراسه. غير مصانع ولا مشفّع للناس فى التنحى إلى الرفاهية والسّعة وتقدّم العسكر أو التأخر عنه. فإن ذلك مما يضعف الوالى ويوهنه لاستنامته إلى من ولّاه ذلك. وأمنه به على جيشه.

واعلم أنّ مواضع الأحراس من معسكرك. ومكانها من جندك. بحيث الغناء والردّ عليهم، والحفظ لهم. والكلاءة لمن بغتهم طارقا. أو أرادهم مخاتلا. ومراصدها المنسلّ منها. والآبق (٨) من أرقّائهم وأعبدهم. وحفظها من العيون والجواسيس من عدوهم. واحذر أن تضرب على يديه أو تشكمه عن الصّرامة بمؤامرتك (٩) فى كل


(١) فى صبح الأعشى «فإن الصوت فى إصابة عدوك الرجل ... الخ».
(٢) الأزل: الضيق والشدة.
(٣) وفى صبح الأعشى «وتسوء عليهم حاله».
(٤) فى المنظوم والمنثور «مستديرا ضاما جامعا، ولا يكون منتشرا ممتدا».
(٥) النهزة: الفرصة.
(٦) من هنا إلى قوله «وأبلغ الإيعاز» ساقط من المنظوم والمنثور.
(٧) أى مشتعل. من ذكت النار إذا اشتد لهبها، وفى المنظوم والمنثور «زكى الصرامة» وهو تحريف.
(٨) الآبق: الهارب.
(٩) المؤامرة: المشاورة. وفى المنظوم والمنثور «على الصرامة لمواصرتك» وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>