للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدوّك، واجتماعهم على غشك، وتطابقهم على كذبك، وإصفاقهم (١) على خيانتك، وأن يورّط بعضهم بعضا عند عدوك، فأحكم أمرهم فإنهم رأس مكيدتك، وقوام تدبيرك، وعليهم مدار حربك، وهو أول ظفرك، فاعمل على حسب ذلك، وحيث رجاؤك (٢) به، تنل أملك من عدوك، وقوتك على قتاله، واحتيالك لإصابة غرّاته (٣) وانتهاز فرصه إن شاء الله.

فإذا أحكمت ذلك وتقدّمت فى إتقانه، واستظهرت بالله وعونه، فولّ شرطتك وأمر عسكرك أوثق قوّادك عندك، وأظهرهم (٤) نصيحة، وأنفذهم بصيرة فى طاعتك، وأقواهم شكيمة فى أمرك، وأمضاهم صريمة (٥)، وأصدقهم عفافا، وأجزأهم غناء (٦)، وأكفاهم أمانة، وأصحّهم ضميرا، وأرضاهم فى العامة دينا، وأحمدهم عند الجماعة (٧) خلقا، وأعطفهم على كافّتهم رأفة، وأحسنهم لهم نظرا، وأشدّهم فى دين الله وحقّه صلابة، ثم فوّض إليه مقوّيا له، وابسط من أمله، مظهرا عنه الرضا، حامدا منه الابتلاء، وليكن عالما بمراكز الجنود، بصيرا بتقدّم المنازل، مجرّبا، ذا رأى وتجربة وحزم فى المكيدة، له نباهة فى الذّكر، وصيت فى الولاية، معروف البيت، مشهور الحسب، وتقدّم إليه فى ضبط معسكره، وإذ كاء أحراسه فى آناء ليله ونهاره، ثمّ حذّره أن يكون منه إذن لجنوده فى الانتشار والاضطراب والتقدم لطلائعك (٨)، فتصاب لهم غرّة يجترئ بها عدوّك عليك، ويسرع إقداما إليك، ويكسر من إياد (٩) جندك،


(١) أصفقوا عليه: أطبقوا واجتموا.
(٢) فى المنظوم والمنثور «وجنب رجاءك به نيل أملك» وهو تحريف.
(٣) هذه ساقطة منه.
(٤) فيه «وآمنهم نصيحة، وأقدمهم بصيرة».
(٥) الصريمة العزيمة.
(٦) يقال: أجزأت عنك مجزأ فلان ومجزأته بفتح الميم وتضم فيهما، وأغنيت عنك غناءه بفتح الغين ومغناه ومغنانه بفتح الميم وتضم فيهما: أى كفيت كفايته.
(٧) وفيه «وأرضاهم صبرا. وأحمدهم خلقا، وأعطفهم على جماعتهم رأفة».
(٨) فيه «للطائع» وهو تحريف.
(٩) وفيه «من أفئدة جنودك» والإياد ككتاب: ما أيد به من شىء أى قوى، والمعقل والكتف الجبل الحصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>