للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون الظفر فى البديهة، ومن المغلوب يالدّولة (١)؟ ولعلك أن تكون المطلوب بالتمحيص، فحاول إصابة أبلغهما فى سلامة جندك ورعيّتك، وأشهرهما صيتا فى بدوّ تدبيرك ورأيك (٢)، وأجمعهما لألفة وليّك وعدوّك، وأعونهما على صلاح رعيّتك وأهل ملتك، وأقواهما شكيمة فى حزمك، وأبعدهما من وصم عزمك، وأعلقهما بزمام النجاة فى آخرتك (٣)، وأجزلهما ثوابا عند ربك، وابدأ بالإعذار إلى عدوك، والدّعاء لهم إلى مراجعة الطاعة، وأمر الجماعة، وعزّ (٤) الألفة، آخذا بالحجة عليهم، متقدما بالإنذار لهم، باسطا أمانك لمن لجأ إليك منهم، داعيا لهم بألين لفظك (٥)، وألطف حيلك، متعطّفا برأفتك عليهم، مترفّقا بهم فى دعائك، ومشفقا عليهم من غلبة الغواية لهم، وإحاطة الهلكة بهم، منفذا رسلك إليهم بعد الإنذار، تعدهم إعطاء كل رغبة يهشّ إليها طمعهم فى موافقة الحق، وبسط كلّ أمان سألوه لأنفسهم ومن معهم ومن تبعهم، موطّنا نفسك فيما تبسط لهم من ذلك على الوفاء بوعدك، والصبر على ما أعطيتهم من وثائق عهدك، قابلا توبة نازعهم (٦) عن الضلالة، ومراجعة مسيئهم إلى الطاعة، مرصدا للمنحاز إلى فئة المسلمين وجماعتهم إجابة إلى ما دعوته إليه، وبصّرته إياه من حقّك وطاعتك، بفضل المنزلة، وإكرام المثوى، وتشريف الجاه (٧) وليظهر من أثرك عليه وإحسانك إليه ما يرغب فى مثله الصّادف عنك، المصرّ على خلافك ومعصيتك، ويدعو إلى الاعتلاق بحبل النجاة، وما هو أملك به فى الاعتصام عاجلا، وأنجى له من العقاب آجلا، وأحوط على دينه ومهجته بدءا وعاقبة، فإن ذلك مما تستدعى به من الله عزّ وجل نصره عليهم، وتعتضد (٨) به فى تقدمة الحجّة إليهم، معذرا ومنذرا إن شاء الله.


(١) الدولة فى الحرب أن تدال إحدى الفئتين على الأخرى، يقال: كانت لنا عليهم الدولة: أى الغلبة والنصرة.
(٢) وفى المنظوم والمنثور «فى بدى رأيك».
(٣) ساقطة من المنظوم والمنثور.
(٤) فيه «وعرى الألفة».
(٥) فيه «لطفك».
(٦) نزع عن الأمر: كف.
(٧) وفيه «الحال».
(٨) فيه «وتعتصم».

<<  <  ج: ص:  >  >>