للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أذك (١) عيونك على عدوّك، متطلعّا لعلم أحوالهم التى يتقلّبون فيها، ومنازلهم التى هم بها، ومطامعهم التى قد مدّوا أعناقهم نحوها، وأىّ الأمور أدعى لهم إلى الصلح، وأقودها لرضاهم إلى العافية، وأسهلها لاستنزال طاعتهم (٢)، ومن أىّ الوجوه مأتاهم.

أمن قبل الشدة والمنافرة والمكيدة والمباعدة والإرهاب والإيعاد، أو الترغيب والإطماع؟

متثبّتا (٣) فى أمرك، متخيّرا فى رويّتك، مستمكنا من رأيك، مستشيرا لذوى النصيحة، الذين قد حنّكتهم السّنّ، وخبطتهم التجربة (٤)، ونجذّتهم (٥) الحروب، متشزّنا (٦) فى حربك، آخذا بالحزم فى سوء الظن، معدّا للحذر، محترسا من الغرّة، كأنك- فى مسيرك كلّه ونزولك أجمع (٧) - مواقف لعدوك رأى عين، تنتظر حملاتهم، وتتخوّف كرّاتهم (٨)، معدّا أقوى مكايدك، وأوهب عتادك (٩)، وأنكأ جدّك، وأجدّ تشميرك، معظّما أمر عدوك لأعظم مما بلغك، حذرا يكاد يفرط، لتعدّ له من الاحتراس عظيما، ومن المكيدة قويا، من غير أن يفتأك (١٠) ذلك عن إحكام أمورك، وتدبير رأيك، وإصدار رويتك، والتأهب لما يحزبك (١١)، مصغّرا له بعد استشعار الحذر، واضطمار (١٢) الحزم، وإعمال الرويّة، وإعداد الأهبة، فإن ألفيت عدوّك كليل


(١) أذكى عليه العيون أرسل عليه الطلائع.
(٢) هذه ساقطة من المنظوم والمنثور.
(٣) فيه «مستنا» وهو تحريف.
(٤) فيه «الذين قد حنكتهم التجربة». وحنكته السن: أحكمته التجارب.
(٥) رجل منجذ: جرّب الأمور وعرفها وأحكمها.
(٦) تشزن للرمى والأمر: استعد له، وتشزن له: انتصب له فى الخصومة وغيرها.
(٧) فى المنظوم والمنثور «كأنك منزل كله ومنازلك جمع» وهو تحريف.
(٨) فيه «غاراتهم».
(٩) العتاد: العدة، ونكأ العدو ونكاه ونكى فيه نكاية: قتل وجرح، وفى المنظوم والمنثور «معدا أقوى مكيدتك، وأجد تشميرك، وأرهب عتادك، معظما لأمر عدوك لأكثرهما ... بفرط تبعة له من الاحتراس عظيما من المكيدة قويا من غير ... الخ» وهو تحريف.
(١٠) فتأه: سكنه وكسره، وفتأ القدر: سكن غليانها.
(١١) حزبه الأمر: اشتد عليه، وفى المنظوم والمنثور «والتأهب لحربك مصغ له» وهو تحريف
(١٢) افتعال من الإضمار، وفى المنظوم والمنثور «واطمان الحزم».

<<  <  ج: ص:  >  >>