للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حواسّه، لإسقاطه حجّة الإجماع، وإبطاله شهادة العوامّ، واتفاق المختلفين دلالة واضحة، فهو سائلكم عن الحجة فى الإنجيل، والبيّنة على التوراة، شكّا فى الرب، وتكذيبا بالرسل، فما كنت قائله له، أو مجيبه به فى كتابكم، فأجبه بمثله فى كتابنا، وإن كانت الأحوال منها غير معتدلة ولا مؤتلفة ولا مرتفقة ولا واحدة تعتدل حالاهما، ويتّفق أمرهما من كتابكم، ما لم تنزل به الملائكة وحيا كالقرآن، ولم يشافه المسيح به أصحابه باللسان، إنما كان فعلا أثبت من بعده، ولم يكن الفعال موضوعا بعده، وليس يكتب أمير المؤمنين بهذا إليكم شكّا فيه، ولا يورده عليكم مرية به.

ولقد علم أمير المؤمنين أن كتب الله عز وجل محفوظة، وأن حججه مخزونة، لا يزاد فيها على تقادم عهد، ولا ينتقص منها على تقارب دهر، وأن ذلك ثبت فى الإنجيل من بعد عيسى عليه السلام، وأنه قال لمن اجتمع إليه من الحواريّين:

«بالوحى أكلّمكم، والأمثال أضرب لكم» فأمثاله المضروبة كلام، وكلامه الرائع وحى، ولكن ما بال الشكّ ينفى عن كتابكم بحجة الاجتماع عليه عندكم، وهو على ما وصف أمير المؤمنين لكم، وسيّان فى تنزيل كتابنا، وقد أدرك شهادة دينه، إما ما قربا (١) من عهده، ومعاينة وحيه، واجتماع على حفظه، هذا حكم مختلف.

فقل للذين يشكّون فيه ويرتابون به: أوقعوا أوهامكم على حالات الأوقات التى تعرفون وقومها (٢) بطبقات الرجال الذين يتهمون.

فإن قالوا: أمّا طبقات الرجال التابعين، وحالات أزمان أمير المؤمنين، فذلك ما لا يسوغ الأقاويل فيه، ولا تدخل الشبهة عليه، لانتشار القرآن وامتداد الزمان، وكثرة الحملة لآياته فيهم، والحفظة للسانه منهم، ولكن الدين الذى نزل به القرآن،


(١) هكذا فى الأصل، والعبارة كما ترى مضطربة.
(٢) هكذا فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>