للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ» وقال: «وَلَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ. وَحَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ» وقال: «إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ» وإن شطب (١) عن الحق شاطب، أو ذهب إلى الباطل ذاهب، لا يعرف مذاهب كلام العرب، ولا وجوه معانى الكتب، ولا تفسير آى القرآن، فقال: إنما جعلت الكواكب والمصابيح حفظا من الله عز وجل للسماء، ورجوما للشياطين من قبل أن يبعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالدّين، فإن فى آيات القرآن ما فيه بيان مما يبطل دعواه التى لا بيّنة عليها، ويكذّب مقالته التى لا شهود لها، فقالت الجن، فجعل الله تبارك وتعالى قولها وحيا، وبه منها صدقا: «وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً» ألا ترون أنها كانت الجن لمست السماء فلم تجدها ملئت حرسا شديدا وشهبا، وقعدت الشياطين منها مقاعد للسمع فلم تجد شهبا ولا رصدا، أو لا تسمعون إلى ما يحقّق ذلك ويسدّده ويصدّقه ويشهد له من قول الله تعالى: «هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ. تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ. يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ» مع قول الجن أيام حرست السماء، ورميت الشياطين: «وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً» فإذا أعملتم فى ذلك فكركم، وقلّبتم فيه نظركم، فكنتم على برهان يقين، ونور مستبين من استطاعة الجنّ للاستماع، وقدرة الشياطين على الاستراق، وإمكان السماء للقعود فى تلك الحال الأولى، ففكّروا فى الحال الأخرى حيث حرست الآيات أن تعارض باطلا بحق، ومنعت الشياطين أن تنزل بصدق، وامتنعت السماء أن يصعد إليها شيطان، فقال الله عزّ وجل «وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ. وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ. إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ» قالت الجن:

«وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً»


(١) شطب عن الشى: عدل عنه وبعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>