للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لها، هى لبروج الشمس والقمر، ومسال (١) الحيوان والشجر، فهى جوائح الاستئصال، المتلفة الأنفس والأموال، وإن كانت النجوم التى حدث القدف بها إنما هى نجوم خلقت اليوم، فليست المعرفة بواقعة على مبتداها، ولا الأبصار بلاحقة منتهاها، فأمسكوا العقد (٢) عليكم والأموال، فإنه أمر يحدث فى إحدى هذه الليال.

فإن قلت: كيف وقعت الأمور فى هذا الرجل كالعيان، وصارت المقالة منه كوعى الآذان؟ أنبأك أمير المؤمنين أن أوعية الفقه من المسلمين، الذين حملوا إلينا سنن الدين، هم أدوا ذلك إلينا، وأبقوه فخرا .... (٣) علينا، فما إن ينفكّ منهم مفتخر يقول: أبونا الذى حبس على العرب الأموال والعقد، فما إن يدفع القول فى ذلك منا أحد، هيهات! ما كانت العرب لتقرّ عند الفخار، إلا بطول هو أبين فيها من ضوء النهار، فافهم ما كتب به أمير المؤمنين فى هذا إليك، ولا يكن التعلّل فيها بالشّبهات أوثق ما لديك، فإنه قلّ حجة إلا وإلى جنبها شبهة تخيّل للعقول، وتعرّض للقلوب، وتجلجل (٤) فى الصدور، فلا يثبت مع تخيّلها، ولا يقيم لتعرّضها بشر، إلا من وزن الحقّ والباطل بميزان عادل، لا يميل إلى تفريط، ولا ينحطّ فى تقصير، وقد جعل الله عز وجلّ العقول موازين للأمور، فزنوا ما سمعتم من حجج كلام الرب عز وجلّ بما تنفون به الشبهة عن الحق، ولا تميلوا اللسان، فتخسروا الميزان.

وسيعلّل أمير المؤمنين إن شاء الله ما جاء عن ذكر ما كتب به إليكم من أمر النجوم والرّجوم والشّهب فى القرآن والرواية والكتب، فألطفوا النظر فى صحة معانيه، ونحّوا الهوى عن شبهة (٥) ما وقعت فيه، قال الله عزّ وجل: «وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا


(١) مصدر أريد به المكان. والمعنى: ومرعى الحيوان ومنبت الشجر.
(٢) العقد: جمع عقدة بالضم، وهى الضيعة والعقار الذى اعتقده صاحبه ملكا.
(٣) بياض بالأصل بمقدار كلمة.
(٤) أى تحرك.
(٥) فى الأصل «عن شبهة إنما».

<<  <  ج: ص:  >  >>