للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإذا قتل المرتد على ردَّته، فلا يُغسَّل، ولا يصلَّى عليه، ولا يدفن مع المسلمين.

وقتل المرتد إنما هو إلى الإمام حرًّا كان أو عبدًا، وعلى هذا عامة أهل العلم إلا الشافعي - رحمه الله - في أحد الوجهين في العبد، فإن لسيده قتله، وحجته حديث: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» (١).

وقتل حفصة - رضي الله عنها - لجارية سحرتها، ولأنه حق الله تعالى، فملك سيده إقامته على عبده كجلد الزاني.

وأجاب الجمهور بأن حديث: «أقيموا الحدود ...» لا يتناول القتل للردة، فإنه قتل لأجل الكفر وليس حدًّا.

قالوا: وأما خبر حفصة فإن عثمان تغيَّظ عليها وشق ذلك عليه!! [قلت: لكن راجعه ابن عمر فسكت كما تقدم].

قالوا: والجلد للزاني تأديب، وللسيد تأديب عبده، بخلاف القتل فإن قتله غير الإمام أساء ولا ضمان عليه.

قلت: قول الجمهور أحوط لما فيه من سدِّ ذريعة قتل السيد لعبده مع عدم استحقاقه، على أن المرتد لو قتله غير الإمام فهو مسيء يُعزَّر لإساءته وافتياته، لكن لا ضمان عليه، والله أعلم.

وهل تُقْتَلُ المرتدة كالرجل؟

إذا ارتدت المرأة المسلمة وكانت مستوفية لشرائط الردّة، فقد تنازع أهل

العلم في قتلها، على ثلاثة أقوال (٢):

الأول: تقتل، لا فرق بينها وبين المرتد: وبهذا قال جمهور الفقهاء مالك والشافعي وأحمد، وهو مروي عن أبي بكر وعليٍّ - رضي الله عنهما -، وبه قال الحسن والزهري والنخعي ومكحول وحماد والليث والأوزاعي وإسحاق:

١ - لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من بدَّل دينه فاقتلوه».


(١) تقدم في أول «الحدود».
(٢) «البدائع» (٧/ ١٣٥)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٧٨)، و «الأم» (٦/ ١٤٨)، و «المجموع» (١٩/ ٢٢٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٣٩)، و «المغني» (٨/ ١٢٣ - ط الرياض)، و «الإنصاف» (١٠/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>