للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال ابن مسعود: «فأنت اليوم لست برسول» فأمر قرطة بن كعب فضرب عنقه في السوق. اهـ.

الترجيح: أقول: هاهنا أمران أحب التنبيه عليهما:

١ - تكرار الذنب لا يستلزم عدم صدق التوبة، فعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن عبدًا أصاب ذنبًا فقال: رب أذنبت ذنبًا، فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبًا ... [الحديث وفي آخره:] فقال: أعلم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي [ثلاثًا] فليعمل ما شاء» (١).

٢ - والأمر الآخر أنه ينبغي، التنبُّه والتحرِّي قبل قبول توبة الزنديق ومن

تكررت ردَّته، ولذلك فالذي يظهر لي أن أمر قبولها وعدمه راجع إلى الحاكم، وقد جعل الله تعالى للمؤمنين على المنافقين سبيلًا بمعرفتهم في لحن القول، كما قال سبحانه: {ولتعرفنهم في لحن القول} (٢).

وأما إطلاق القول بقبول توبتهما أو عدمه فلا أرى في أدلة الفريقين ما يقويه، إذ غالبها يتعلق بالتوبة في الباطن - فيما بينه وبين الله - وهذا ليس موضع النزاع كما رأيت.

وأما أثر ابن مسعود فهو مع كونه محتملًا - كما رأيت - فهو موافق لما رجَّحته، والله المستعان.

قتل المرتد:

إذا ارتد المسلم، وكان مستوفيًا شرائط الردَّة، أهدر دمه، وقتله الإمام أو نائبه بعد الاستتابة.

ودليل قتله كما تقدم حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بدَّل دينه فاقتلوه» (٣).

وحديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (٤).


(١) صحيح: أخرجه البخاري (٧٥٠٧)، ومسلم (٢٧٥٨).
(٢) سورة محمد: ٣٠.
(٣) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٤) صحيح: أخرجه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>