للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٤ - ما رُوي أن رجلًا سارًّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل رجل

من المسلمين - وفي رواية: من المنافقين - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: بلى، ولا شهادة له، قال: «أليس يصلي؟» قال: بلى ولا صلاة له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أولئك الذين نهاني الله عن قتلهم».

٥ - قالوا: ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفَّ عن النافقين بما أظهروا من الشهادة مع إخبار الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بهم، وإخبار الرسول - صلى الله عليه وسلم - حذيفة بجماعة منهم، وكانت لهم بالمدينة قوة وشوكة.

فائدة: صرَّح الحنفية بأن توبته تقبل، لكنه يُعذب في كل مرة ويحبس.

القول الثاني: لا تقبل توبته، وهذا مذهب مالك والرواية الثانية عن أبي حنيفة وأحمد، وبه قال الليث وإسحاق، وحجتهم:

١ - قول الله تعالى: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا} (١).

فانتفت عنهم المغفرة والهداية لانتفاء توبتهم، ولو قبل توبتهم لغفر لهم.

وأجيب ... بأن الآية الكريمة ليس في آخرها أنهم تابوا، بل هم قد ازدادوا كفرًا فلم يوفقهم الله تعالى للتوبة، وليس المعنى: إذا تابوا لم يتب عليهم.

٢ - ما روي عن ظبيان بن عمارة: أن رجلًا من بني سعد مر على مسجد بني حنيفة فإذا هم يقرءون برجز مسيلمة، فرجع إلى ابن مسعود، فذكر ذلك له، فبعث

إليهم؛ فأتى بهم، فاستتابهم، فتابوا، فخلَّى سبيلهم إلا رجلًا منهم يقال له «ابن النوَّاحة» قال: «قد أوتيت بك مرة فزعمت أنك قد تبت، وأراك عدت» فقتله (٢).

٣ - قالوا: ولأن تكرار الردَّة دليل على فساد العقيدة، وقلة المبالاة، والتلاعب بالدين (٣).

وأجاب ابن قدامة بأن الأثر حجة في قبول توبتهم مع استمرارهم بالكفر، وأما قتله لابن النواحة فيحتمل أنه قتله لظهور كذبه في توبته، أو لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيها لما جاء رسولًا لمسيلمة: «لولا أنك رسول لضربت عنقك» (٤).


(١) سورة النساء: ١٣٧.
(٢) أخرجه البيهقي (٨/ ٢٠٦).
(٣) «منار السبيل» (٢/ ٤٠٩).
(٤) أخرجه أبو داود (٢٧٦٢)، والبيهقي (٨/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>