للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعترافًا، ولم يوجد معه متاع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما إخالك (١) سرقت» قال: بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا، فأمر به فقطع ...» (٢).

قالوا: فلم يقطعه حتى أعاد عليه مرتين.

٢ - أن هذا قضاء عليٍّ - رضي الله عنه -، فعن القاسم بن عبد الرحمن بن مسعود عن أبيه قال: جاء رجل إلى عليٍّ بن أبي طالب فقال: إني سرقت، فردَّه، فقال: إني سرقتُ، فقال: «شهدت على نفسك مرتين» فقطعه، قال عبد الرحمن:

فرأيت يده في عنقه معلّقة (٣).

٣ - ولأنه يتضمن إتلافًا في حد، فكان من شرطه التكرار كحد الزنا؛ ولأنه أحد حجتي القطع فيعتبر فيه التكرار كالشهادة!!

الثاني: يكفي إقرار مرة واحدة: وبه قال عطاء والثوري وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وحجتهم:

١ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد سارق المجن، وسارق رداء صفوان، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بتكرار الإقرار، وما وقع من التكرار في بعض الحالات فهو من باب التثبت.

٢ - ولأنه حق يثبت بالإقرار، فلم يعتبر فيه التكرار كحق الآدمي.

٣ - ولأن السرقة قد ظهرت بالإقرار مرة، فيكتفى به كما في القصاص وحدِّ القذف.

قلت: أما حديث أبي أمية المخزومي فهو ضعيف، والذي يترجَّح لي أنه يكفي مرة لكن يستحب للقاضي أن لا يتسرع في إقامة الحد، وأن يراجعه اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقضاء عليٍّ - رضي الله عنه -، ولما فيه من الاحتياط والتثبت في إقامة الحد، والله أعلم.

٣ - هل يثبت الحد باليمين المردودة؟ (٤).

إذا ادعى شخص على آخر سرقة نصاب، فأنكر المدعى عليه السرقة، فطلب


(١) أي: ما أظنك.
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (٤٣٨٠)، والنسائي (٨/ ٦٧)، وابن ماجة (٢٥٩٧)، وانظر «الإرواء» (٢٤٢٦).
(٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١٩١)، وابن أبي شيبة، والطحاوي (٢/ ٩٧)، والبيهقي (٨/ ٢٧٥).
(٤) «البحر الرائق» (٧/ ٢٤٠)، و «روضة الطالبين» (١٠/ ١٤٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٧٥)، و «حاشية البجيرمي على المنهج» (٤/ ٢٣٥)، و «المغني» (١٢/ ١٢٤ - مع الشرح الكبير).

<<  <  ج: ص:  >  >>