للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المدعى منه أن يحلف لإثبات براءته، فنكل (أي: امتنع) عن اليمين، رُدَّت اليمين على المدعى، فإن حلف أن المدعى عليه سرق ما ادعاه، فهل يثبت الحد بهذه اليمين؟ قولان:

فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة - وهو مقابل الأصح عند الشافعية - إلى أن المال المسروق يثبت بهذه اليمين المردودة، لكن لا يقام الحد إلا بالإقرار أو البيِّنة، لأن القطع في السرقة حق الله تعالى وهو لا يثبت إلا بهما.

وقال الشافعية: في الأصح عندهم - تثبت السرقة بيمين المدعى المردودة ويقام الحدُّ، ومقابل الأصح عند الشافعية هو المعتمد في المذهب؛ لأنه نصُّ الشافعي في الأم.

٤ - هل يثبت الحد بالقرائن؟

جمهور الفقهاء على أن حدَّ السرقة لا يثبت إلا بالإقرار أو البيِّنة؟.

ويرى بعضهم جواز ثبوت السرقة - ومن ثم إقامة الحد وضمان المال - بالقرائن والأمارات إذا كانت ظاهرة الدلالة باعتبارها من السياسة الشرعية التي تخرج الحق من الظالم الفاجر.

قال ابن القيم - رحمه الله -: «لم يزل الأئمة يحكمون بالقطع إذا وجد المال المسروق مع المتهم، وهذه القرينة أقوى من البينة والإقرار، فإنهما خبران يتطرَّق إليهما الصدق والكذب، ووجود المال معه نصٌّ صريح لا تتطرَّق إليه شبهة»

اهـ (١).

واستدل - رحمه الله - بقصة يوسف - عليه السلام - وإخوته إذ قالوا: {تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين - إلى قوله - فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه} (٢) الآيات. قال: «فيها دليل على أن وجود المسروق بيد السارق كاف في إقامة الحد عليه، بل هو بمنزلة إقراره، وهو أقوى من البينة، وغاية البيِّنة أن يستفاد منها الظن، وأما وجود المسروق بيد السارق فيستفاد منه اليقين» (٣) اهـ.

شروط وجوب قطع السارق:

للسرقة أركان أربعة: السارق، والمسروق منه، والمال المسروق، وطريقة


(١) «الطرق الحكيمة» (ص: ٨).
(٢) سورة يوسف: ٧٣ - ٧٦.
(٣) «إعلام الموقعين» (٣/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>