للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاعتراض الثالث: التفاوت بين ديّة اليد إذا جنى عليها فإن ديّتها خمسمائة دينار وبين عقوبتها بالقطع إذا سرق فإن نصاب السرقة الموجب للقطع ثلاثة دراهم؟.

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في الجواب عن ذلك:

(وأما قطع اليد في ربع دينار وجعل ديتها خمسمائة دينار: فمن أعظم المصالح والحكمة.

فإنه احتاط في الموضعين للأموال والأطراف:

فقطعها في ربع دينار حفظًا للأموال. وجعل ديتها خمسمائة دينار حفظًا لها وصيانة.

وقد أورد بعض الزنادقة هذا السؤال وضمنه بيتين فقال:

يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار

تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستجير بمولانا من العار

فأجابه بعض الفقهاء بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت هانت.

وضمنه الناظم قوله:

يد بخمس مئين عسجد وديت لكنها قطعت في ربع دينار

حماية الدمّ أغلاها، وأرخصها خيانة المال، فانظر حكمة الباري

وروى أن الشافعي - رحمه الله تعالى - أجاب بقوله:

هناك مظلومة غالت بقيمتها وههنا ظلمت هانت على الباري

وأجاب شمس الدّين الكردي بقوله:

قل للمعري عار أيما عار جهل الفتى وهو عن ثوب التقى عار

لا تقدحن زناد الشعر عن حكم شعائر الشرع لم تقدح بأشعار

فقيمة اليد نصف الألف من ذهب فإن تعدت فلا تسوى بدينار

ومنه يتضح للمنصف أن هذا التفاوت بين ديّة اليد إذا جنى عليها وبين نصاب القطع إذا جنت هو عين الحكمة والعدل والصيانة لأبدان الناس وأموالهم. وهذا الاعتراض الآثم أورده جماعة من العلماء ولكن لا يخرجون في جوابهم عما

ذكره ابن القيم - رحمه الله تعالى -. وهو نقض جلي مبناه على التفاوت العظيم بين الجنايتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>