للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السجون وعد نزلائها يرينا أنهم بازدياد دائم. فما ردعت السجون عن جريمة السرقة إلا قليلًا. بل أن السجن أصبح مكانًا أمينًا للسراق يتواجدون فيه ويلتقون ويتبادلون خبراتهم في عالم السرقة والإجرام.

أما قطع اليد فإنها كفيلة بقطع دابر السرقة أو تقليلها إلى حد كبير جدًّا، والتاريخ خير شاهد على ما نقول فإن هذه العقوبة آتت أكلها وثمرتها للناس فعاشوا بأمان من السرقة والسراق).

الاعتراض الثاني: كيف يكون القطع لمن سرق ثلاثة دراهم دون مختلس ألف دينار أو منتهبها أو غاضبها.

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى - في الجواب عن ذلك:

(هذا من تمام حكمة الشارع: فإن السارق لا يمكن الاحتراز منه. فإنه ينقب الدور ويهتك الحرز ويكسر القفل، ولا يمكن صاحب المتاع الاحتراز بأكثر من ذلك فلو لم يشرع قطعه لسرق الناس بعضهم بعضًا. وعظم الضرر. واشتدت المحنة بالسراق بخلاف المنتهب والمختلس فإن المنتهب هو الذي يأخذ المال جهرة بمرأى من الناس. فيمكنهم أن يأخذوا على يديه. ويخلصوا حق المظلوم. أو يشهدوا له عند الحاكم، وأما المختلس فإنه إنما يأخذ المال على حين غفلة من مالكه

وغيره، فلا يخلو من نوع تفريط يمكن به المختلس من اختلاسه. وإلا فمع كمال التحفظ والتيقظ لا يمكنه الاختلاس.

فليس كالسارق. بل هو بالخائن أشبه.

وأيضًا فالمختلس إنما يأخذ المال من غير حرز مثله غالبًا، فإنه الذي يقاتلك ويختلس متاعك في حال تخليك عنه وغفلتك عن حفظه. وهذا يمكن الاحتراز منه غالبًا فهو كالمنتهب.

وأما الغاصب فالأمر فيه ظاهر وهو أولى بعدم القطع من المنتهب. ولكن يسوغ كفْ عدوان هؤلاء بالضرب والنكال، والسجن الطويل والعقوبة بأخذ المال).

ومدار الدفع من ابن القيم لهذا الاعتراض: هو توفر الحرز في السرقة وهو غاية ما يملكه الناس من الاحتراز. مع اختفاء السارق. وهذا المعنى لا يوجد في كل من المنتهب والمختلس. والغاصب على ما أوضحه - رحمه الله تعالى -.

<<  <  ج: ص:  >  >>