للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النية نوعان:

أحدهما: يُقْصَد بها تمييز العادة عن العبادة، وتمييز العبادات بعضها عن بعض، هذا النوع يتكلم عنه الفقهاء في كتب الأحكام الفرعية.

الثاني: قصد المعبود بالعبادة، وهذا هو سر العبادة وروحها، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: ٥] وهذه النية أهم الأمرين، ذلك أنَّ إخلاص النية للمعبود هو الأصل، فالعبادة التامة هي ما توفر لها خمسة مقامات:

١ - نية العمل، فالعمل الذي يؤتى به ولَمْ يُنوَ، ليس بعبادة، وفاعله ليس متقربًا إلى الله تعالى.

٢ - نية المعبود، بأن يكون القائم لم يقم بها إلاَّ مخلصًا بها لوجه الله تعالى.

٣ - أن يقوم مستحضرًا عن القيام بها امتثال أمر الله تعالى بها ورسوله.

٤ - أن يستحضر عند القيام بالعبادة، أنَّه يعبد الله تعالى بالإيقان بها.

٥ - أن يستحضر وهو يفعلها الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

فهذه العبادة الكاملة التامة، التي يحصل صاحبها على كامل ثوابها، أما مجرَّد نية العمل، فهو يبرىء الذمة من الواجب، بدون الثواب الكبير.

* ما يؤخذ من الحديث:

١ - أنَّ مدار الأعمال على النيات، صحةً وفسادًا، وكمالًا ونقصًا، وطاعةً ومعصيةً، فمن قصد بعمله الرياء فقد فسد عمله، ومن قصد بالجهاد -مثلًا- إعلاء كلمة الله فقط، كَمُلَ ثوابه، ومن قصد ذلك والغنيمة معه، نقص ثوابه، ومن قصد الغنيمة وحدها, لم يأثم, ولكنه لا يعطى أجر المجاهد، فالحديث مسوق لبيان أنَّ كل عمل طاعةً كان في الصورة أو معصيةً، يختلف باختلاف النيات.

٢ - أنَّ النيَّة شرط أساسي في العمل، ولكن الغلو في استحضارها، يفسد على

<<  <  ج: ص:  >  >>